مقالات

نصيحتي للسعوديين .. في ذكرى يوم الصمود التاسعة

بقلم الدكتور / حمود عبدالله الأهنومي 

صرح الأستاذ محمد علي الحوثي قائلا: أوصلنا رسالة للسعودية بأنها ستكون هدفاً لو سمحت للطيران الأمريكي باستخدام أراضيها أو أجوائها في العدوان على اليمن..
هذا التصريح ، وإشارة السيد القائد في خطابه الأسبوعي الماضي بشأن تطورات معركة الفتح الموعود، بأن المال السعودي يموّل الحملات المشبوهة والتحريضية في اليمن، وحوادث أخرى لا داعي لذكرها، يشير بشكل واضح إلى ضرورة إسراع السعودية والإمارات بدفع فاتورة العدوان على شعبنا اليمني العظيم؛ باعتبار ذلك هو الخيار الأسهل والأقرب والأفضل لهم، وربما لليمن أيضا..
إن انشغال اليمن بواجبها الشرعي والأخلاقي والقومي في سبيل نصرة غزة لا يعني أنها نسيت أوجاعها وآلامها والعدوان عليها منذ تسعة أعوام من قبل أدوات الأمريكان في المنطقة، وكيف تنساها وواقع الحال يشير إلى أن اليمن لا زالت واقعة تحت عدوان متعدد الجوانب، ومنها العدوان الاقتصادي، والإعلامي، ولا زالت مؤامرات النظام السعودي والإماراتي تحاك ليل نهار، بل وهناك عدوان عسكري مستمر وإن كان بشكل مخفّض..
في ذكرى يوم الصمود الوطني 26 مارس من المفيد أن يقيس السعوديون والإماراتيون بمسطرة الذكاء السياقي والمصالحي المساقة التي تحرك فيها اليمن الثوري من 2015م بداية العدوان إلى 2023م، ما الذي تحقق لهم؟ وما الذي لم يتحقق؟ وما الذي أنجزه اليمن؟ وما الذي م ينجزه؟ وما السيناريوهات المحتملة في حالة عودة الصراع نتيجة حالة الإحباط اليمنية من المراوغات السعودية؟
كما أنه من المهم التذكير للسعوديين بأن اليمن اليوم بفضل الله صارت أقوى بالله وبالتوكل عليه وبالتحرك في قضيتها العادلة، وفي قضايا أمتنا، وعلى رأسها قضية فلسطين، وبكونها قد أثبتت للجميع أن توجهها عربي إسلامي أخلاقي، وأنها لا تسعى للعدوان على أي شعب عربي مسلم، بل تسعى لإنجاز الاستحقاق الحضاري المبني على أساس الهوية الإيمانية اليمانية، وأنه يمكن للأمة أن تستثمر في إمكانات اليمن ومؤهلاتها وإنجازاتها الحضارية والقوية والشجاعة..
لا شك أن السعوديين والإماراتيين قد أدركوا أنهم تورطوا في الحرب على اليمن، ولكنهم مع ذلك يحاولون التملص والمماطلة في معالجة آثار هذا التورط، أو الاستمرار في العدوان على اليمن بطريقة التربص، وتغذية واختلاق المشاكل الداخلية، والعدوان الاقتصادي، لعل وعسى أن يخرج من بين أصابع هذه الاستثمارات غير المشروعة ما قد يفيد موقفهم التفاوضي ولو في ملف من الملفات التفاوضية المطروحة..
باعتباري مواطنا يمنيا اصطلى بنار العدوان على شعبنا وأمتنا، ويهمني تصفية المشاكل الداخلية البينية لصالح توحد الأمة تجاه قضاياها الكبرى، فإنني أنصح النظام السعودي أن يسارع اليوم قبل غد إلى الإسراع بالاعتذار للشعب اليمني، ومعالجة كوارث العدوان على شعبنا بشكل عادل ومنصف، وتوقيع اتفاق السلام، باعتباره مصلحة سعودية قبل كل شيء، وعليهم أن يغادروا اليمن سريعا، في ذات الوقت الذي يجب عليهم فيه أن يغادروا أوهامهم التاريخية، وأدوارهم الوظيفية التي أوكلت إليهم من قبل داعميهم ومشغليهم المستعمرين، وإذا رفض الإماراتيون التحرك معهم في هذا الاتجاه فإن العقول اليمنية قد أبدعت في صناعة وإنتاج الأدوية والأمصال المناسبة لكل الأمراض السياسية والعسكرية المستعصية، حتى للدول الكبرى في هذا العالم..
إن الإرادة اليمنية القوية المتوكلة على الله والمستبشرة بنصره التي دخلت في أتون صراعات هذا العالم بأسس ومبادئ متقدمة وغريبة على المستوى المتداول، والتي فرضت قواعد اشتباك سياسي وعسكري جديدة لا عهد للنظام العالمي بها، لقادرة على تكريس الهزيمة التي ألحقتها بدول العدوان على مدى تسع سنوات، ومن المؤكد أن حرب تكريس الهزيمة سيكون مدويا وكبيرا أكبر من الهزيمة ذاتها..
لقد آن الأوان للسعوديين أن يصفوا حسابهم الخاسر في اليمن، وآن لكم أن يغيروا سياستهم التقليدية فيه بالشكل الذي يحفظ الكرامة والسيادة والعزة والمصالح المشتركة لجميع بلداننا..
إن هذا ليس مصلحة يمانية بقدر ما هو مصلحة سعودية وإماراتية وخليجية وعربية خالصة في ظل ظروف عالمية جديدة، وقواعد اشتباك يمانية متطورة، وقيادة إيمانية شجاعة وحكيمة، وشعب يماني أبي وشجاع وحي متوحد في معظمه تجاههم، ويحتشد خلف قيادة ثورية مجاهدة، أثبتت الأحداث أنها وشعبها بقدر مواجهة قوى كبرى كالأمريكان والبريطانيين، فهل تعقلون أن السلام مع اليمن الشجاع والقوي هو الأصلح لكم قبل غيركم؟
لا تراهنوا على أي قوى كبرى يمكن أن تفيدكم في صراع قادم، فمن لم يفد نفسه، وأعلن فشله أمام اليمن القوية والفتية، لن يفيدكم في شيء، وقد ساق الله إليكم أحداث غزة دروسا مجانية يمكنكم التتلمذ عليها والاستفادة منها بشكل أكثر من غيركم..
اليمن ليست عدوا لكم، بل هي ذخر قومي وإسلامي عميق لكم وللأمة كلها حينما تتحولون إلى قوى ودول تمثل شعوبها، اللهم إلا إذا أصررتم على التجند خلف رايات المستكبرين من الأمريكان والغربيين ضد آمال وحقوق شعوب أمتنا، فإن المؤشرات الكثيرة تشير بأن هذه القوى في طور انكفائها وانسحابها أو طردها من المنطقة برمتها، ومن الأفضل لكم نسج تحالفات جديدة، وتنويع مصادر قوى متطورة، وتذكروا دائما أنه في صباح كل يوم سيصبح العريس منفردا مع عروسته، وقد عاد الجميع إلى بيوتهم، ومن أعانكم على (القتل) لن يعينكم على (الدية)..
اللهم إني بلغت ونصحت فاشهد..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock