الأخبار العربية

“دستور سعيّد” يبصر النور.. تونس تودّع النظام البرلماني

تسلّم الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس، من رئيس اللجنة الاستشارية للإصلاحات الدستورية، العميد الصادق بلعيد، مشروع الدستور التونسي الجديد.

العالم – تونس

ومشروع الدستور التونسي الجديد، هو عبارة عن مسوّدة أولية أكد بلعيد نفسه أنها غير ملزمة للرئيس ويمكن له تعديل ما جاء فيها.

ولم تسبق تقديمَ المسوّدة أعمال تحضيرية على غرار المداولات والنقاشات التي تجري عادةً قبيل وضع نص قانوني، حتى يعود إليها المشرّعون والقضاة إذا ما تعسّر عليهم تحديد مقاصد النص.

وعلاوة على ذلك، لم تكن المسوّدة محطّ نقاش قانوني بين المختصّين، ولم يبيّن أعضاء اللجنة أيضاً سياقاتها وتوجّهاتها العامة.

وإذ تُعدّ الدساتير عامة نصوصاً جامدة غير قابلة للإلغاء وإعادة الكتابة، إلّا في سياقات تاريخية محدّدة.

كما في حالات الاستقلال والثورات والتحرّكات الشعبية الجارفة، لم يتّضح بعد ما إذا كان دستور سعيد مستجيباً للتونسيين الذين انتفضوا على حُكم «النهضة» وحلفائها، أم سيكون مجرّد نص يعبّر عن رؤى الرئيس وتصوّراته.

بحسب المسوّدة التي سُرّبت عبر إحدى الصحف التونسية، فقد جرى التنصيص على الحرية والكرامة الوطنية، وعلى مفاهيم السيادة الوطنية والسيادة الغذائية، وعلى المجّانية التامة للتعليم والصحة، والتنمية الجهوية القائمة على مبدأ التضامن الاجتماعي.

والظاهر أن التسريب استهدف استعطاف هذه الطبقة تحديداً، ممّن وصفتهم «منظومة ما بعد الثورة» التي حكمت البلاد لعقد من الزمن بالرومانسيين الثوريين غير الواقعيين.

واشترت عداءهم حينما مرّرت قانون المصالحة مع منظومة زين العابدين بن علي.

لكن بمجرّد تجاوز الفصول المتعلّقة بالحقوق والحريات والتنمية والمبادئ العامة، والتي جاءت مثالية، ينفتح باب النظام السياسي، والذي يمثّل الغاية الأولى والأخيرة من تعديل سعيّد.

جاء المشروع المسرَّب واضحاً في إلغاء النظام البرلماني، وإرساء نظام رئاسي “برؤية تونسية” كما وصفه بلعيد.

بالإضافة إلى الجزء الذي لم يُكشف عنه للعموم إلى غاية اللحظة، والذي يندرج في جوهر رؤية الرئيس، أي التمثيل القاعدي وانتخاب برلمانات جهوية يمكن سحب الوكالة منها وحلّها متى ارتأى المواطنون أنها لا تقوم بدورها.

ولا يمكن الجزم ما إن كان الرئيس سيحافظ على هذه الفكرة على رغم الرفض الكبير لها، أو أنه سيكشف عنها قبيل الاستفتاء بالشكل الذي لا يترك حيّزاً زمنياً كافياً للاطّلاع عليها ومناقشتها.

في هذا الوقت، يتواصل إضراب القضاة للأسبوع الثالث على التوالي رفضاً لقرار الرئيس بإعفاء 57 قاضياً من مهامهم.

ولم يجد القضاة من نصير، في تحرّكهم، سوى المجتمع المدني والمنظّمات التي تطالب سعيّد بالتراجع عن خطواته التعسفية ضدّ هذه السلطة، فيما جزء واسع من الطيف السياسي خفتت حدّة مساندته لهم، في أعقاب ظهور تململ شعبي من استمرار غلق المحاكم.

وما يخلّفه من تداعيات خاصة بالنسبة إلى الموقوفين على ذمّة جنح بسيطة أو لمجرّد الشبهة وكان من المفروض أن يتمّ إطلاق سراحهم بمضيّ 48 ساعة.

ولكن بموجب الإضراب يتمّ الاحتفاظ بهم، مع إمكانية استمرار هذا التحرّك إلى منتصف الشهر المقبل، أي العطلة القضائية، ما يعني إمضاءهم صيفاً كاملاً مسلوبي الحرية إلى حين عودة المحاكم في السنة المقبلة.

أمّا «الاتحاد العام التونسي للشغل»، فهو يجدّد التأكيد أن موقفه الرافض للحوار لا يعني أنه سيقبل بعودة منظومة ما قبل 25 تموز الماضي، وهو ما جعله يهاجم “جبهة الخلاص الوطني” التي يترأسها نجيب الشابي، عادّاً إياها مجرّد إعادة إنتاج لمنظومة «النهضة» و«ائتلاف الكرامة» و«قلب تونس».

مؤكداً أنه”لا يمكن للاتحاد أن يخون الطبقات الشعبية الناقمة على هذه الطغمة ويصطفّ معها تحت أيّ لافِتة كانت”.

في المقابل، تستمرّ الجبهة في محاولة تقديم نفسها كبديل من حُكم سعيّد، متبرّئةً من إرث العشرية التي سبقت صعوده، إلّا أنها لم تستطع إلى الآن تحشيد الدعم الشعبي المطلوب، وهو ما أظهرته الوقفة الاحتجاجية التي نفّذتها أخيراً ولم يشارك فيها إلا المئات فقط.

الأخبار

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock