الأخبار العالمية

مصر والسودان بين المطرقة الاسرائيلية والسندان الاثيوبي

تعثرت مجددا اليوم الثلاثاء، المفاوضات في “كينشاسا” حول سد النهضة حيث قالت وزارة الخارجية المصرية إن المفاوضات التي عقدت اليوم لم تحقق تقدما ولم تفض لاتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، مشخصة ان سبب فشل المفاوضات يعود الى غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية، وان سعيها للماطلة والتسويف هو سبب عدم التوصل إلى اتفاق في المفاوضات الأخيرة بكينشاسا.

العالم – كشكول

الجانب الإثيوبي تعنت ورفض العودة للمفاوضات التي جرت في كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات تجري تحت قيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية وفق جدول زمني محدد، للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا حول سد النهضة على النيل الأزرق، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.

إثيوبيا تعتبر الرباعية مقترحا عقيما

التعثر جاء اثر رفض اثيوبيا كافة المقترحات المصرية والسودانية ومنها المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونجو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث.

مصر انطلقت الى هذه المفاوضات بدافع التوصل الى حلول ناجعة بين دولة المنبع ودولتي المصب عبر التفاهم والحوار الذي لن يتضرر من خلاله اي طرف دون الاخرين ويؤدي الى انتفاع كافة الاطراف من خلال التصرف السليم والمرونة الحكيمة والاستغلال الاندع من وجود السد الذي لو توفرت النية الصافية لانتفعت منه جميع الاطراف ومن خيراته.

السفير أحمد حافظ بقوله في بيان له نشره في موقع التواصل “الفيسبوك”، وعبر الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية، كشف أن إثيوبيا رفضت ايضا خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الإنخراط بنشاط في المباحثات، والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية، بل انها رفضت مقترحا مصريا تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان، بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة.

مصر تشكو المماطلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي احمد انه “يجب أن يتفهم الشعبان السوداني والمصري أننا لن نؤثر على جيران النيل، نريد الاستفادة من مياه الأمطار التي تهطل بغزارة في الخريف وحجز 5% منها (…) لا يمكن ربط التعبئة بتوقيع الاتفاق، نحن مستعدون للتوقيع غدا صباحا إذا كانت أمورها مكتملة، لكن هناك أمورا فنية وسياسية معقدة”، رافضا الربط بين تعبئة خزان السد وإبرام الاتفاق بين الدول الثلاث، في وقت وصف فيه المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي مقترح الوساطة الرباعية الدولية بشأن سد النهضة بـ”العقيم” و”غير المجدي”.

اثر اعتبار إثيوبيا الرباعية مقترحا عقيما وتعمدها افشال المفاوضات مع مصر والسودان واثر اصرار اثيوبيا على ملء السد وذلك ما اشار اليه رئيس وزراء اثيوبيا “أبيي أحمد” بقوله إن تأجيل تعبئة خزان السد سيكبد بلاده خسارة تبلغ حوالى مليار دولار وان بلاده عازمة على تنفيذ المرحلة الثانية لملء خزان سد النهضة في تموز/يوليو المقبل، بدأت الملامح الحقيقية للصورة تنجلي اكثر وأكثر، حتى اتضح ان غياب الارادة السياسية لدى اثيوبيا هو تغييب متعمد ومتجدد دون ان تبرحه اثيوبيا الى بر العقل والمنطق والحكمة والسعي لبناء علاقات حسن جوار حسنة لان غاية اثيوبيا هي “التأزيم المتعمد” وليس الحل..ذلك ما اشار اليه ضمنيا السفير أحمد حافظ بقوله في بيانه المشار اليه سالفا، بقوله ان فشل المفاوضات الأخيرة يكشف مجدداً سعي اثيوبيا للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف “يعيه المفاوض المصري جيدا ولا ينطلي عليه”.

لماذا التسويف والتغييب المتعمد للارادة السياسية؟

الواضح ان المماطلة الاثيوبية لا قصد منها ولا غاية ترتجى غير الوصول بقطار التفاوض الى سكة مغلقة لن تتمكن من خلالها مصر والسودان من التقدم الى الامام او الرجوع الى الوراء.. طريق مسدود ذو مسار واحد مغلق ما يعني تيئيس السودان ومصر ودفعهما للتيقن من ان لا مفر ولا حل يرتجى من الاضرار المؤكدة التي قد تلحق بهما نتيجة ملء السد وذلك ما اشار اليه السودان في وقت سابق بقوله ان الملء الأحادي للسد يهدد حياة 20 مليون مواطن سوداني.

قضية سد النهضة يريد الجانب الاثيوبي صيرورتها الى ورقة رابحة ضاغطة يمسكها باحكام في كفه ووسيلة ضغط قد تدفع باتجاه تصعيد جديد في المنطقة لن يستفيد منه احد غير الكيان الاسرائيلي الذي يصفق بكلتا يديه عاليا لكل ما يسيء للخارطة الاقليمية في شمال شرق افريقيا وحتى في غرب اسيا، وما يجعل من مصر والسودان دولتين مشلولتين فاشلتين فاقدتين لاي اعتبار ووزن حقيقي وفي مسيرهما الى حضيض الفقر والتجويع والإفقار المتعمد الذي لم يستثن لبنان وتفجير مرفأ بيروت ولا سوريا ودمارها وتدميرها بحرب ارهابية متعمدة واحتلالها اميركيا ولا العراق واحتلاله بعد تجويع شعبه اثر غزو الكويت وايضا “اخيرا” وليس آخرا، تعطيل قناة السويس المتعمد وازمتها االتي لن تخفى عن بصيرة الواعين بعد الكشف عن نية الكيان الاسرائيلي فتح قناة جديدة يستغني العالم من خلالها عن قناة السويس.

من هنا جاءت الضغوط الاثيوبية تترى الواحدة بعد الاخرى، حتى اقترحت اثيوبيا بيع المياه الفائضة عن حاجتها الامر الذي يظهر النوايا الحقيقية لاثيوبيا المدعومة من قبل الكيان الاسرائيلي والدول العربية المطبعة معه كالامارات لتشديد الضغط على مصر والسودان.

السودان يستسلم ويلغي قانون مقاطعة “اسرائيل”..

الضغوط الكبيرة التي باتت تُحدثها اليوم اديس ابابا ضد القاهرة والخرطوم قد تولد الانفجار الداخلي لهذين البلدين في اية لحظة، خصوصا اذا ما عرفنا ان مصر والسودان باتتا محاصرتين من قبل اثيوبيا جنوبا وسدها المائي العملاق الذي لو انفجر سيؤدي بالفعل لافقار الدولتين المذكورتين بعد اغراقهما، والكيان الاسرائيلي شمالا بقوته العسكرية التي حيدت مصر منذ زمن السادات وجعلتها بلدا محايدا متقوقعا على نفسه لا تهمه القضية الفلسطينية ولا يسوءه وجود كيان محتل غاصب غير شرعي الى جانب دولته المترامية الاطراف الغائصة في عمق الحضارة والتاريخ. الكيان اللقيط الذي يسعى لافقارهما (مصر والسودان) واذلالهما دون رحمة.

ولا يسعنا هنا الا ان نشير الى ان كثرة الضغط مع انعدام الارادة الوطنية وغواش الرؤية الحقيقية الواضحة لما يجري في المنطقة يولد انفجار الادمغة اذا ما تجردت عن الحكمة والوعي والبصيرة، وقد جاءنا في اللحظات الاخيرة من كتابة هذا لمقال خبر مفاده ان مجلس وزراء السودان ألغى قانون مقاطعة الكيان الاسرائيلي دون مزيد من الايضاحات، وهو قرار يمكن وصفه بـ”اليائس البائس المتخاذل” الذي لن يجني معه السودان اي نفع لبلده “الغني بالخيرات الطبيعة والثروات التي لا تعد ولا تحصى”، وقد سبقه السيسي في هذا المنحى باعلانه إنشاء أكبر محطة لتنقية مياه المجاري،بدل حماية بلده من الجوع والعطش بالامتناع اساسا عن الموافقة المبدئة على بناء سد النهضة، رغم التحذيرات وتقارير المخابرات والأمن القومي المصري والخارجية والدفاع، والتي لم يكترث لها السيسي مقدما بذلك حلا لأزمة تمويل السد المتعطل في حينه، لأن الشركات الأوروبية كانت ترفض تمويل المشروع قبل موافقة بقية الدول المُتضررة، وهي نقطة القوة وأكبر ورقة ضغط فقدتها مصر بتوقيع السيسي الامر الذي وضع بلاده وكذا السودان تحت رحمة إثيوبيا والكيان الصهيوني، حيث لا ينفع اليوم الندم بعد زلة القدم.

السيد ابو ايمان

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock