الأخبار العربية

اليوم.. الذكرى السنوية الاولى للاحتجاجات الشعبية في لبنان

يصادف اليوم السبت الذكرى السنوية الاولى لبدء الاحتجاجات الشعبية في لبنان او ما يسمى بانتفاضة تشرين و بهذة المناسبة ستقام احتفالات والمسيرات في بيروت و بعض المناطق اللبنانية.

العالم_لبنان

وفي هذا الاطار قطع المحتجون عصر أمس الطريق الرئيسية وسط بلدة حلبا في شمال وأعيد صباح اليوم فتح هذا الطريق .

ما إن بدأ (حراك17 تشرين الأول أكتوبر) حتى تحمّس الشعب للثورة على الفساد. رفعوا الصوت من مختلف المناطق، المعاناة واحدة والمطالب واحدة، والفساد ينخر عظام كل شيء في لبنان. ظننا حينها أنّ فرض رسم 20 سنتا عن كل يوم استخدام خدمة الواتس أب كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بعد عقود وعقود من الحصار والخناق والسياسات الفاسدة بحق المواطن.

الموضوع خرجت مجموعة الى الشارع لتنتفض، وخرج معها صادقون منتفضون على القهر والظلم والطبقة السياسية. إلا أنّ هؤلاء الصادقين لم يجدوا مكانهم في الشارع بعد أيام قليلة. كشف المستور دفعهم الى الانسحاب. رأى هؤلاء بأم العين أنّ المسألة لم تكن مسألة واتساب وجوع وفقر، بل المسألة أبعد من ذلك بكثير. يُراد لهذا البلد الفوضى والخراب والدمار تحت شماعة المطالب الاقتصادية. صحيح أنّ من بين أولئك جماعات صادقة لكن مسار الأمور وتدحرجها فضح محاولة البعض ركوب موجة الحراك الصادق لأهداف سياسية تحت شعار محاربة الفساد بينما هو أفسد الفاسدين.

أهداف الثوريين بدت جلية في الشعارات التي حملوها والبعيدة كل البعد عن أي مطالب اقتصادية ومعيشية. الخيرات التي أغدقتها المنظمات غير الحكومية قطعت الشك باليقين وبيّنت من هو المحرّك الأساسي لما تُسمى ثورة. إنها واشنطن التي لم ترد الخير يوماً للبنان. واشنطن المعروفة بأهدافها وأجنداتها في الداخل اللبناني. وليس غريباً في هذا السياق أن تكشف مصادر في ما يُسمى الحراك بوقت سابق أنّ ممثلين لواشنطن اجتمعوا مع لبنانيين كثر ممّن قادوا ما تسمى بـالثورة 17 تشرين الأول قبل أشهر على انطلاقتها بغية التخطيط لإثارة الفوضى والفتنة في لبنان وقيادة مواجهة حقيقية في وجه المقاومة. المئات تلقوا دعماً كبيراً من الولايات المتحدة الأميركية، وكانوا يتحينون الفرصة لإشعال البلد فكان ما كان في 17 تشرين الأول.

ذلك التاريخ الذي تبدل معه وجه لبنان من سيئ الى أسوأ بكثير. نظرة سريعة الى أوضاع لبنان المختلفة ما قبل 17 تشرين الأول 2019 وما بعده وصولاً حتى يوم السبت 17 تشرين الأول 2020 تبيّن أنّ تلك الثورة وبكل بساطة أطاحت بكل شيء في لبنان وأوجدت خراباً غير مسبوق ترك تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة.

المحلل والباحث السياسي الدكتور ناصر قنديل يقارب في حديث لموقع العهد الإخباري تبعات ما تُسمى ثورة 17 تشرين الأول على الواقع اللبناني. يختصر المشهد بجملة حقائق يدرجها على الشكل الآتي:

قطع الأمل لدى الناس بإمكانية أن يؤدي النزول الى الشارع بإحداث تغيير في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا أسوأ وأخطر ما حصل هذا العام برأي قنديل- حيث تكفّل من قادوا الحراك الشعبي بإيصاله الى طريق مسدود عبر تبديد ثقة الناس التي كانت في الأيام الأولى في حالة غضب شعبي عارم في مواجهة الفساد والسياسات الاقتصادية والاجتماعية وفي التطلع نحو تحقيق مكاسب تحسّن قدرة الناس على الحياة. تكفل هؤلاء خلال عام بجعل الاستجابة معدومة لأي نداء يدعو الناس للنزول الى الشارع نصرةً لأحوالهم المعيشية لأن الناس لم تعد تثق بهذا النوع من الحراك ولديها قناعة بأنها ستُستعمل في السياسة ولأهداف مشبوهة، وبأنها ستكون قوتاً لغايات لا علاقة لها بمصالحها وبالقضايا التي خرجت لأجلها.

على الصعيد السياسي، انكشفت أهداف الحراك المموّل والمبرمج والمدار والمشغّل والذي جنّدت لأجله وسائل إعلام عدة، وهذا ما كشفت عنه المعلومات والوقائع التي أوضحت أن كلفة البث المباشر بلغت 30 مليون دولار لصناعة الشعارات والرموز وتحديد التحركات واتجاهاتها وأهدافها وطرح شعارات مشبوهة من قبيل العزل الرئاسي وإسقاط المجلس النيابي. كل هذا بات واضحاً الآن يقول قنديل- في سياق المعركة التي قرّر الأميركي خوضها تحت عنوان تحييد وتقييد سلاح المقاومة عن التأثير في مجريات ما سيحدث في سنوات النفط والغاز والمساحات البحرية من المنطقة الاقتصادية اللبنانية. وهنا يعتبر قنديل أنّ صاحب هذا المشروع السياسي قد تخلى عن الحراك لأنّه فشل في تحقيق الأهداف التي رسمها. ولهذا السبب فإنّنا سنجد في 17 تشرين الأول أنّ المجموعات التي وعدت بقيام إحياء جماهيري هائل ضخم في 17 تشرين الأول لن تفي بوعدها بعد رفض الأميركي إعطاءهم 3 ملايين دولار التي طلبوها لتمويل الإحياء.

على الصعيد الاقتصادي، وقبل أن يعدّد قنديل التداعيات السلبية، يطرح مجموعة أسئلة: ماذا لو كان الشعار في الأيام الأولى لهذا الطوفان الشعبي يرتبط بتحقيق مكاسب ذات طابع مباشر يرتبط بحياة الناس؟ ماذا لو كان الهدف المباشر يتمثّل بالمصرف المركزي والتحقيق في السياسات المالية؟ ماذا لو كان الهدف المباشر هو تخفيض الفوائد على أقساط القروض السكنية والديون الاقتصادية المرتبطة بالصناعة والزراعة والمشاريع العقارية وغيرها؟. وفق قنديل، كانت الطبقة السياسية في الأيام الأولى مرعوبة ومذعورة، وأي مطلب شعبي كان يمكن أن يرفع بشكل مدروس كان من الممكن أن يحقّق، وبالتالي كان بإمكان الناس أن تكتشف بالتجربة الحسية وعبر انتقالها من مطلب الى آخر كيف أنها تراكم الانجازات. في الأيام الأولى -يضيف قنديل- طُرح على هذه المجموعات فكرة الدعوة الى إقالة وزير الاتصالات حينها محمد شقير المسؤول عن تفجير الشرارة الأولى بوضع ضريبة “الواتساب” وإحالته الى القضاء. وفق حسابات قنديل، لو استقال شقير وسيق الى القضاء وفي اليوم نفسه طوّق قصر العدل بعشرات الآلاف أثناء المحاكمة لم يكن ليجرؤ أحد على عدم الذهاب في المحاكمة الى النهاية وعلى عدم فتح مختلف ملفات الفساد. دخول وزير الى السجن بتهمة الفساد وبدون افتراء كان سيفتح الباب، ولكن جرى إضاعة فرصة تاريخية ترتب عليها تداعيات اقتصادية واسعة منها:

إقفال المصارف واحتماؤها بالانتفاضة، لتبدأ عملية التهرب من ودائع المواطنين من باب الأمن. ففي الأشهر الثلاثة الأولى اتخذت الانتفاضة الأمن ذريعة برضى القيمين عليها، لتقفل أبوابها أمام المودعين الأمر الذي ترك تداعيات واسعة خلقت “كربجة” اقتصادية ما مهّد للانهيار الكبير في سعر صرف الليرة.

تحليق سعر صرف الدولار ومعه انخفاض القدرة الشرائية، حيث ان اقفال المصارف والبلد خلق طلبا غير مشروع وغير مبرّر على الدولار، وسط حالة من الهلع في صفوف المواطنين.

إقفال العديد من المؤسسات وصرف تعسفي لآلاف الموظفين.

وعلى الصعيد الاجتماعي، يلفت قنديل الى زيادة النعرات الطائفية والهوة بين الناس، وتقسيم المناطق وتقطيع أوصالها على أساس مذهبي وطائفي. كما يشير الى الهشاشة الأمنية الحاصلة حيث لا يوجد أي وجه من وجوه الأمان والاستقرار.

وفي معرض حديثه، يوضح قنديل أنّ الادارة المشبوهة -التي استولت على الحراك بقوة الاعلام والتمويل الخارجي معاً- شكّلت أحد عناصر دفع لبنان نحو تسريع الانهيار. وفق قنديل، كان المطلوب أن يأتي الانهيار سريعاً، فما كان متراكما في 17 تشرين لم يكن كافياً لإحداث الانهيار، فيما كان المطلوب أخذ البلد نحو خطر الفراغ والفوضى وضرب كل مرتكزات الثقة بأي إمكانية لنهوض اقتصادي وتشكيل حكومة تستطيع أن تعالج المشكلات حتى نصل الى قعر الهاوية. بتقدير قنديل، فإنّ المكان الذي نحن فيه الآن لم يكن سوى نتيجة للفوضى التي أوجدها الحراك، فلو أن الأمور سارت وفق تطورها الطبيعي منذ 17 تشرين الأول حتى اليوم لم نكن لنبلغ 15 الى 30 بالمئة من النتائج السلبية التي نحصدها اليوم.

وفي الختام، يقول قنديل : كما أنّ المحاكمة يجب أن تجري للطبقة السياسية، يجب أن تجري محاكمة أشد قسوة منها للذين نصّبوا أنفسهم قادة لهذاالحراك.

لكن رفض الوزير الأسبق المحامي زياد بارود​، في الذكرى الأولى لـثورة 17 تشرين، القول إنّ الثورة فشلت بعد عام على انطلاقها أو أنّها لم تُحدث تغييراً. ورأى ان أداء السلطة بعد الثورة ما زال نفسه قبل 17 تشرين الأول 2019، لا بل تراجَع، ما يُعطي الثورة والناس حقاً بمطالبهم.

وأشار بارود الى أنّ الثورة ليست جسماً أو حزباً واحداً بل أشخاص ومجموعات وتكتلات من القوى الشعبية والتغييرية وكثيرون يلازمون منازلهم وهم جزء منها، ولا يُمكن القول إنّ الثورة حزب بل هي مناخ مطلبي وشارع غاضب يطلب أجوبة لا تُعطى إليه”، مؤكداً أنّ “الثورة ليس عملها أن تحقق بل هي تطالب وتُعَلّي الصوت وتعبّر عن وجع، أمّا من يجدر به أن يحقق فهو السلطة، وتحديداً قوى السلطة وليس المعارضة.

ورأى أنّ هذه الحالة الشعبية كسرت بالحد الأدنى جدار الصمت والخوف والمراوحة التي كانت قائمة وأوصلت البلد الى هذا الوضع، فالمصائب التي نعيشها مالياً واقتصادياً ومصرفياً ومعيشياً ليست بسبب الثورة بل هي تراكمات عقود من الزمن انفجرت في 17 تشرين، بسبب أداء سلطة لنحو 30 عاماً”. وقال: لا يمكن بعد عام من حالة شعبية أن نسأل ماذا حققت، فهي أدّت واجبها ويبقى على السلطة أن تتجاوب أم لا، ولو تجاوب مَن في السلطة لكان ربح.

واعتبر بارود أنّ أحد أخطاء السلطة أنّها تستخِفّ بهذه الصرخة العفوية والعارمة، وهذا خطأ استراتيجي ترتكبه. فصَمّ الآذان هذه المرة يضرّ صاحبه، خصوصاً أنّ هذه الحالة الشعبية أنتجت وستنتج مجموعات جديدة وشخصيات مطلبية. ولا يعتقد أحد أنّ شيئاً لم يتغيّر بعد عام، فالنَفَس الشعبي تغيّر، وكذلك تعبير المجموعات الجديدة.

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock