منوعات

حُبّ سَيِّد الشُّهداء (عليه السّلام) لا نهايةَ له

الأربعين هذا العام يختلف عن السّنوات الماضية في نواح كثيرة فإن كان الملايين من الزوّار من مختلف أنحاء العالم يمثّلون بلادهم في مسيرة الأربعين الحسينيّ العالميّة في السّنوات المنصرمة، فإنّ ذاك العدد الغفير والجمهور الحاشد نفسه بل وأكثر منه بعشرات المرّات قد أصبحوا سفراء ملحمة الأربعين بين شعوبهم خلال هذا العام.

– الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات –

من هذا المنطلق فبالرّغم من أنّ الأربعين هذا العام يرافقه الحزن والأسى لعشّاق النّهضة الحسينيّة العالميّة بسبب تفشّي فيروس كورونا وحظر السّفر للعراق، إلّا أنّه في نفس الوقت يحمل في طيّاتها الكثير من الدّروس والعبر من جهات عدّة.

إنّ ملحمة الأربعين الحسينيّ في نظرة أهل البيت (عليهم السّلام) و عشّاقهم هي بمثابة معرض لأفضل البشر طوال التاريخ وكذلك لأعظم معركة للحق ضد الباطل ولهذا السّبب بالضّبط أكّدت أخت الإمام الحسين (ع) وهي زينب الكبرى (عليها السّلام) ـ الّتي حملت رسالة عاشوراء ـ في معرض وصفها لما حدث في ذلك اليوم بأنّني ما رأيت إلّا جميلا.

الحقيقة هي أنّ نهضة الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) تعتبر الاحتفال الكبير بالعبوديّة وعيد الأضحى للمنتجبين الأخيار. من المقرّر أن تضيء ملحمة الحسين الطّريق و يزيل الظّلام أمام كلّ من ضلّ طريقه ويُعلِّم الضّعفاء و المظلومين الشّجاعة والمقاتلين المروءة والسّالكين الصّمود والأمراء العدالة والعظمة والنّساء والأطفال الصّبر والتّعاطف وفي جملة واحدة إنّها هي ملحمة تعلِّم البشريّة جمعاء الإنسانيّة على مرِّ التّاريخ. نرى اليوم أنّ الإنسان قد فقد أشياء من جنس الإيمان والعشق والمعرفة وهي كلّها توجد في ملحمة الأربعين بِكثرة.

الآن وقد أصبحنا محرومين من المشاركة في مسيرات أربعينيّة الإمام الحسين (ع) هذا العام فقد تسنّت لنا فرصة جيّدة ورائعة للعودة إلى أنفسنا لنَتمكَّن بذلك من تصفّح كتاب عقولنا ونُصحِّح من الأخطاء ما قد إرتكبناها سابقا ونتطلّع على مستقبل مشرق والمليء بالأمل ونؤمن من جديد إلى المنطق والإنتصار النهائي للحقّ في نهاية المطاف. أعتقد أنّ اليوم وقد يمرُّ على إستشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) 1400 سنة حان الوقت للقيام بضبط ساعاتنا على توقيت الحسين والقيام أيضا بطواف قلوبنا حيث قال المعصوم (ع): «القلب حرم الله». نعم؛ لاشكّ أنّ القلب الّذي ينبض من أجل الحسين يستحقّ أن تتمّ زيارته.

ثانيّا؛ منذ سنوات وقد تحوّلت ملحمة الأربعين إلى مظهر عظيم جدّا يتجسّد فيه الوحدة والتّماسك بين دول العالم الإسلاميّ حيث يجتمع فيها أناس يختلفون عن بعضهم البعض من حيث الثّقافة والقوميّة واللّغة، يجتمعون حول محور الحسين و أنصاره الّذين لا نظير لهم في التّاريخ. نرى خلال ملحمة الأربعين أنّ الملائين من عشّاق الإمام الحسين يحلّون ضيوفا على الملائين من الشّعب العراقيّ المضياف. بالرّغم من أنّه لا نستطيع تجاهل الخدمات الّتي قد تسديها الحكومات المختلفة في العراق للزوّار الحسينيين، إلّا أنّ تجربتي الشّخصيّة الّتي حصلتها عليها خلال سنوات من إدارة المواكب في مسيرات الأربعينيّة تقول إنّ ملحمة الأربعين ما هي إلّا ملحمة الشّعوب حيث أنّ الشّعب العراقيّ وغيره من الشّعوب من مختلف أصقاع المعمورة يجتمعون في هذه المناسبة ويتوجّهون جنبا إلى جنب نحو كربلاء الحسين. مظاهر التّضحيات الّتي تصل ذروتها خلال مسيرات الأربعينيّة لايمكن فهمها و إدراكها إلّا برؤيتها حيث نجد أنّ الأربعين له عشّاق من أتباع الأديان الأخرى. لذا فيمكننا القول إنّ الأربعين الحسينيّ هو أكبر تجمّع دينيّ على مرِّ التّاريخ.

الحقيقة هي أنّ الوحدة والتماسك يعتبر من أحد الحلقات المفقودة في سلسلة العالم الإسلاميّ ونعتقد أنّ تسوية وحلّ أكبر القضايا والمشاكل في دول العالم الإسلاميّ، بل وفي العالم بأسره يمرُّ عبر الأربعين. الوحدة الّتي قد تشكّلت حول شخصيّة أكبر شهيد في التّاريخ والّذي نسمّيه نحن “سيّد الشّهداء” هي الّتي يدلّ المسلمين جميعا والأحرار في العالم على طريق العزّة وهي [الوحدة] بمثابة مفتاح قد فتح الكثير من الأقفال من قبل حيث سيفتح قفل القضية الأولى للعالم الإسلاميّ أيّ تحرير القدس الشّريف في المستقبل القريب إن‌شاءالله.

محسن بيرهادي ـ ممثل أهالي طهران وعضو الهيئة الرئاسية البرلمانية في مجلس الشوري الاسلامي في إيران

/انتهى/

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock