الأخبار العربية

اعتذار مصطفى اديب.. لاعب عادي في ميدان لبنان الاستثنائي 

حين يواجه اي بلد ازمات سياسية واقتصادية تكاد تعصف بوجوده، من المنطقي ان تلجأ الطبقة السياسية الى صيغة او حكومة لا تلغي احدا في سبيل الحصول على الاحتضان الشعبي والسياسي من اجل النجاح في مهمتها في اخراج البلد من  الازمة التي يعيشها. لكن هذا لم يحصل في حالة مصطفى اديب المطلف بتشكيل الحكومة اللبنانية الذي وقع في فخ من اوهموه انه لاعب سياسي في ميدان اكبر منه.

العالم – قضية اليوم

كان واضحا منذ طرح المبادرة الفرنسية للحل ان هناك من لا يريد الحل. واتضح لاحقا ان اديب الاتي بمباركة فرنسية لم يفهم طبيعة الحياة السياسية في لبنان ) والتي وان كانت بحاجة لتغييرات كثيرة الا انه لا يمكن ذلك في الوقت الحالي لحساسية الازمة). اديب حاول فرض نفسه لاعبا محوريا وطرفا اساسيا في تشكيل الحكومة، وذلك بتشجيع من “نادي رؤساء الحكومة” الذي لا يضطلع الا بدور العرقلة وافشال اي مسعى لحل الازمة. صدق اديب انه الرجل الاقوى في المرحلة الحالية، ففرض شروطه للتشكيل وتحديدا على الثنائي الشيعي كما يحلو للبعض تسميته، فكانت عقدة وزارة المالية، وغيرها من العقد.

اعتذار اديب ليس بسبب المالية، بل لاسباب تتخطى حتى قدرته على الافصاح عنها. نادي رؤساء الحكومة هو من قام بعملية التشكيل واقصى القوى السياسية وفرض اسماء ودفع باتجاه رفض مقترح حزب الله وحركة امل حول وزارة المالية. كان الملفت في الايام الاخيرة تراجع نبرة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وقبوله اعطاء المالية لوزير “شيعي”، الملفت والاخطر في المقابل كان موقف نادي رؤساء الحكومة الذي اعتبر ان موقف الحريري شخصي، ما يعني مواصلة لدور التعطيل من قبل اعضاء هذا النادي الذي يضم اسماء كلها متهمة بقضايا فساد من فؤاد السنيورة الى نجيب ميقاتي وصولا الى تمام سلام.

وعليه لا يمكن القول ان عقدة المالية هي من اطاحت بجهود اديب بل ارتهانه لاسلافه وعدم انفتاحه على الجميع، ولو كان حقيقيا ما يقال بان اديب اعتذر بقرار فرنسي فان ذلك يعني نية باريس الهروب الى الامام وعدم الانتظار حتى يتم اسقاط اديب بشكل يقضي نهائيا على مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون.

اما الخطورة فتبدا بعد اعتذار اديب حيث سيناريوهات عديدة تنتظر لبنان احلاها مر

= اعتذار اديب يكشف في وجه من وجوهه قوة الضغط الاميركي لافشال مساعي الحل عبر تحريك ادوات داخلية للوقوف في وجه انجاح اعلان الحكومة، وهذا ما حصل. وللضغط الاميركي اهداف عدة اهمها ابقاء المبادرة في ايدي واشنطن وادواتها الداخلية بحيث يتم الضغط على حزب الله وحلفائه لابعادهم من المشهد السياسي (وهو ما حاولت مساعي اديب ترسيخه بدفع اساسي من نادي الرؤساء)

وبالتالي فان مشهد الفراغ الذي تركه الاعتذار يسمح لواشنطن بالضغط اكثر والتحريض ضد حزب الله وحلفائه بانهم هم من عطلوا التشكيل (رغم ان رئيس البرلمان نبيه بري ابدى استعداده لطرح اسماء خبراء ماليين شيعة يتم اختيار احدهم لوزارة المالية).

= هناك سيناريو يعمل عليه منذ فترة يرتبط بايجاد الفراغ تزامنا مع تحريك الشارع املا باحداث نوع من الفوضى يمكن استغلاله لضرب الامن والاستقرار، خاصة وان الجماعات الارهابية بدات تظهر من جديد لاسيما في الاسابيع الاخيرة والمواجهات التي شهدتها الساعات الاخيرة بين الجيش اللبناني وارهابيين في البداوي شمالي البلاد.

= التحريض والتحضير لمواجهة داخلية في لبنان وصل الى مستوى عال جدا، وهناك من سيعمل على اشعال الساحة اللبنانية عند اول حادث في الشارع، وهذا السيناريو يخدم اولا واخرا من عطلوا وعرقلوا ومنعوا تشكيل الحكومة.

في مواجهة كل ذلك، لا بد من خطوة شجاعة يقوم بها رئيس الجمهورية تبدا بتسمية الاشياء بمسمياتها والكشف عن كل من عطل وعرقل وكل من يمنع الحل. اضافة الى الدعوة لاستشارات نيابية جديدة باسرع وقت واختيار شخصية تكلف بتشكيل الحكومة.

امام المشهد اللبناني شهر ونصف قبل ان ينفجر او يتم سحب فتيل الانفجار، والمقصود هنا ما بعد الانتخابات الاميركية. بعد الثالث من تشرين الثاني نوفمبر سيتقرر ما اذا سيحاول الاميركيون تفجير الوضع في لبنان، او سيقتنعون انهم لا يملكون سلطة وقرار الغاء اي طرف لبناني حتى وان تجمع حولهم بعض من باعوا بلدهم اثناء عدوان الكيان الاسرائيلي عام 2006 او من لديهم الاستعداد للتورط في اي مشروع تخريبي مقابل الابقاء على نفوذهم والتنصل من تحمل مسؤوليتهم عن عشرات مليارات الدولارات التي نهبت خلال السنوات الماضية.

لقد كان ملعب السياسة اللبنانية اكبر من قدرة مصطفى اديب، فهل يتبنى الفرنسيون لاعبا اقوى، ام يستسلمون للمشروع الاميركي؟

حسين الموسوي – العالم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock