الأخبار العالمية

دبلوماسية البوارج في الخليج الفارسي.. خطأ ترامب الأخير

حتى المشرعين الامريكيين وصلوا الى قناعة بأن سياسة “العقوبات القصوى” التي يمارسها الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد الجمهورية الاسلامية في ايران منذ أكثر من عامين ، لم تنجع في دفع ايران للتفاوض مع امريكا فحسب، بل ساهمت ايضا في فرض عزلة غير مسبوقة على  امريكا، التي باتت تثير شفقة حلفائها في العالم، كما صرحت بذلك فيونا هيل المستشارة السابقة للبيت الأبيض في ادارة ترامب.

العالم – قضية اليوم

الاقرار الواضح والصريح والعلني للمشرعين الامريكيين بفشل سياسة العقوبات الامريكية ضد ايران، جاء خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي الذي استدعى المبعوث الامريكي الخاص بايران اليوت ابرامز، حيث وجهت له انتقادات لاذعة لسياسة ترامب ازاء ايران، والتي لم تساهم في “ردع” ايران فحسب، بل عززت من قوتها، وعزلت امريكا على الصعيد الدولي، والحقت خسائر فادحة بالعلاقة بين امريكا وحلفائها الاوروبيين.

المتابع لتصريحات اعضاء ادارة ترامب بدءا من ترامب نفسه ومرورا بوزير خارجيته مايك بومبيو وانتهاء بممثله الخاص بايران اليوت ابرامز، يكتشف وجود إنفصال كامل بين اعضاء هذه الادارة والواقع كما تراه باقي دول العالم، ففي الوقت الذي تلقت امريكا ثلاث صفعات في مجلس الامن الدولي، الصفعة الاولى عندما رفض المجلس تمديد الحظر التسليحي ضد ايران ، والصفعة الثانية عندما رفض المجلس اعادة فرض العقوبات الاممية عل ايران، والصفعة الثالثة عندما رفض المجلس والعالم ايضا تهديدات امريكا في تفعيل “الية الزناد” التي اطلقها وزير الخارجية الامريكي بومبيو، نرى ابرامز يعود اليوم ويجتر نفس تصريحات وتهديدات بومبيو، من ان آلية تفعيل الزناد قد بدأت في 19 ايلول سبتمر الحالي، رغم معارضة 13 عضوا في مجلس الامن الدولي!!.

هذا العناد الطفولي لترامب واعضاء ادارته، للارادة الدولية الرافضة للبلطجة الامريكية القبيحة والوقحة، هو الذي دفع نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، ان يغرد على تويتر قائلا: “انه من المؤلم رؤية دولة عظيمة تهين نفسها بهذا النحو وتعارض بعناد باقي أعضاء مجلس الأمن الدولي.. لقد قلنا جميعا وبوضوح في آب/اغسطس الماضي، أن مزاعم واشنطن بشأن إطلاق سناب باك غير شرعية. هل واشنطن صماء؟”.

يبدو ان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كان اكثر دقة من مواطنه بوليانسكي، عندما قال ان امريكا “لا تفهم”!!، فالرجل بنى تقييمه هذا، على الرفض غير المسبوق للسياسة الامريكية القائمة على القوة المجردة، من قبل المجتمع الدولي، فهذه اول مرة في التاريخ تقف بريطانيا ضد امريكا في مجلس الامن، وهو ما كان يجب ان يشكل جرس انذار لادارة ترامب من اجل التقليل من حدة العناد الطفولي لديها، حرصا على ما تبقى من مكانة امريكا في العالم، ولكن الذي حدث هو العكس تماما، فقد أخذت ترامب وبومبيو وابرامز العزة بالاثم ، فما زالوا يعيشون في وهم ان العالم بدأ بتنفيذ الية الزناد، وليس امام ايران سوى التفاوض مع امريكا او الموت جوعا!!.

إيرانياً، مازال موقف طهران من كل الازمة التي اختلقها ترامب بانسحابه من الاتفاق النووي بتحريض من صهره جاريد كوشنير لارضاء “اسرائيل والسعودية”،هو هو لم يتغير، حتى بعد فرضها العزلة المذلة على امريكا، فعلى امريكا العودة إلى الاتفاق النووي، وتعويض الأضرار التي ألحقتها بالشعب الإيراني، فالعقود الاربعة الماضية اكدت بما لا يقبل الشك أن الشعب الإيراني لا يخضع ولا يستسلم امام الضغوط والتهديات حتى لو كانت وراءها امريكا.

يتصور ترامب ان دبلوماسية حاملات الطائرات والبوارج الحربية، يمكن ان تدفع ايران الى التراجع عن مواقفها لتحسين حظوظه الانتخابية، لذلك ارسل حاملة الطائرات “نيميتز” بمعية بوارج حربية الى المنطقة، ودخلت الى الخليج الفارسي في نفس الوقت الذي هدد فيه بومبيو العالم بتنفيذ الية “الزناد”.

دبلوماسية البوارج قد تكون خطأ ترامب الاخير اذا ما تمادى في اعتمادها مع ايران، فهذه القطع الحربية كانت مرصودة من قبل القوات الايرانية من خلال الصور والافلام التي نقلتها طائرات الاستطلاع الايرانية التي كانت تحوم فوقها دون ان تكتشفها الرادارات الامريكية. فقادة الحرس الثوري والجيش في ايران اكدوا على ان الخليج الفارسي بأكمله تحت مراقبة واستطلاع القوات الايرانية، فلا توجد قطعة حربية امريكية تتحرك في المنطقة دون ان يتم رصد مكان انطلاقها والجهة التي تتوجه اليها والمسير الذي تتحرك فيه، حتى طاقم حاملة الطائرات الامريكية “نيميتز” لم يملكوا الا ان يردوا وبشكل كامل على الاسئلة التي وجهتها لهم القوات الايرانية.

العالم كله مدين للشعب الايراني، الذي نجح بصموده الاسطوري، ان يوجه ضربات مؤلمة لمكانة وهيبة أمريكا على مدى 40 عاما، ويُسقط القناع المزيف عن وجهها، فاذا بها قوة ارهابية متوحشة، تنتهك القوانين الدولية والمبادىء الانسانية والقيم الاخلاقية، وترتكب افظع الجرائم ضد الدول والشعوب، لمجرد امتلاكها القوة العسكرية التي حولتها الى قانون تحتل به الدول وتستعبد الشعوب لنهب ثرواتها.

منيب السائح – العالم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock