السعودية تتحول بسرعة الى دولة فاشلة.. فهل هي بداية النهاية

محمد النوباني – كاتب فلسطيني
السياسيون وصناع القرار في معظم دول العالم يتابعون عن كثب ما يكتب في مجلة “فورين بوليسي” الامريكية المتخصصة في تحديد مؤشرات الدول الفاشلة لكي يحاولوا تجنب سياساسات خاطئة تؤدي مع الزمن الى تحول دولهم من دول ناجحة مزدهرة الى دول فاشلة وايلة للسقوط.
ولكن حكام الدول العربية الموالون لواشنطن وفي مقدمهم حكام المملكة العربية السعودية الحاليون يشذون عن هذا المنهج العقلاتي في التعامل مع هكذا قضية مهمة ولذلك تراهم يعملون بانفسهم على خلق الظروف والمقدمات التي تؤدي الى تحول دولتهم الغنية الى دولة فاشلة بامتياز .
فقد ورطوا بلادهم في حرب اليمن،التي باتت مدمرة لهم، وتامروا على سوريا والعراق وليبيا وحاولوا مع ترامب وصهره كوشنير تصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يسمى بصفقة القرن التصفوية ومارسوا سياسات كثيرة خاطئة ادت الى استنزاف ثروات البلد مما حولها من دولة لها نفوذ بحكم ما تملكه من مال ومقدسات الى دولة هامشية لا وزن لها.
واصبح ترامب الذي لا يستطيع حكم بلاده بسبب الفضائح ومحاولات العزل التي تلاحقه والذي لم يستطيع توفير الحماية العسكرية للسعودية ،رغم كل مئات المليارات التي دفعوها له مقابل الحماية، هو الحاكم الفعلي للسعودية والمسؤول الاول عن تحديدد سياساتها الداخلية والخارجية والمتحكم بثرواتها النفطية وصندوقها السيادي.
وبدلا من ان يستوعب حكام السعودية الدرس وتحديدا بعد الهجمات الاخيرة التي شنها الحوثيوت على ارامكو والتي حرمت السعودية من اكثر من نصف انتاجها من النفط والغاز دفعة واحدة وعملية “نصر من الله” التي ادت الى ابادة واسر ثلاثة الوية من الجيش السعودي والاستيلاء على مئات المدرعات وتحرير ٣٥٠ كم مربعا من الارض ويوقفوا الحرب على اليمن ،واصلوا الرهان على الدعم العسكري الامريكي وعلى الغريق ترامب عله يخرجهم من المستنقع اليمني .
ونسي اولئك الحكام ان ترامب الذي لم يستطع الرد على قيام ايران باسقاط ال “جلوبال هوك” وعلي الاغلى ثمنا والاكثر تطورا في سلاح الجو الامريكي المسير وعلى عمليات الحوثيين التي اتهم فيها زورا وبهتانا الحرس الثوري الايراني، والذي يستجدي لقاءا مع روحاني دون جدوى ، وابتلع كل الاهانات التي وجهتها له القيادة الايرانية ،لا يستطيع ان يحمي بوارجه وقواعده من ايران فكيف سيحميهم منها مهما دفعوا ؟!
اذن فان رهان حكام السعودية بان يكون تطبيعهم للعلاقات مع اسرائيل وتامرهم مع كوشنير لتمرير صفقة القرن هو جواز مرورهم لدفع ترامب لتورط في حرب مع ايران ثبت بانه رهان غير واقعي ليس لان الرجل لا يريد بل لانه لا يستطيع حتى لو دفعت له كل اموال السعودية لمئة سنة قادمة.
وعليه فانه وبدون اتخاذ السعودية لقرار جريئ بوقف الحرب على اليمن والخروج من المستنقع اليمني فانها ستتحول بفضل سياستها الفاشلة الى دولة فاشلة وسنرى الدولة المركزية فيها عما قريب تضعف رويدا رويد وتفقد السيطرة على المزيد من الارض وصولا الى تفكك الدولة السعودية.
والامر هنا ليس بحاجة الى ذكاء ،فبعد الحروب الكبرى عادة ما تختفي وتزول عن الخارطة دول وبنى وهياكل عفى عليها وتظهر على انقاضها دول وبنى وهياكل جديدة اكثر قابلية للحياة.
ولذلك فاننا لن نفاجئ فيما لو استمروا في المكابرة ان نستيظ ذات يوم لنرى حفاة اليمن ينظمون حركة السير في الرياض ويشرفون على خدمة الحرمين الشريفين.
المصدر: رأي اليوم