الأخبار العالمية

ترامب و’آلية الزناد’..مسدس البلطجة بدون رصاص 

لم يعرف ربما الرئيس الاميركي دونالد ترامب منذ وصوله الى البيت الابيض غير سياسة العقوبات المبنية على البلطجة السياسية والتي طالت حتى اقرب حلفائه من الدول الاوروبية. لكن ومع صراعه للبقاء لولاية ثانية في البيت الابيض وتحديدا في التعامل مع الملف النووي الايراني، يبدو ان ترامب يقبص على زناد مسدس العقوبات الذي بات خاليا من الرصاص. 

العالم – قضية اليوم

جربت ادارة ترامب كل ما يمكنها ضد ايران وفرضت اجراءات حظر واسعة تبجح ترامب بانها الاقسى في التاريخ. كل ذلك رغم انه هو من انسحب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015. لكن في النهاية وجد نفسه امام مازق سياسي ناتج عن حساباته الخاطئة وضعه في زاوية بات فيها مضطرا للرجوع الى الاتفاق الذي انسحب منه وهو ما لا يمكن حصوله ويعتبر سابقة خطرة على مستوى العلاقات الدولية الى درجة استفزت حلفاء واشنطن الاوروبيين ودفعتهم لرفض مشروع تفعيل الية الزناد المرتبطة بالاتفاق النووي والمتعلقة بابقاء الحظر على بيع وشراء الاسلحة من ايران.

ما يحصل في الايام الاخيرة هو اظهار للياس من جانب الادارة الاميركية. ترامب لم يعد يجد امامه اية اوراق يلعبها. فحلفاؤه ابعدوا انفسهم عن مغامراته التي تستهدف ايران لادراكهم ان الاخيرة التزمت بالاتفاق حتى اللحظات الاخيرة قبل خفض التزاماتها في خطوة مشروعة بعد الانسحاب الاميركي منه. اضافة لذلك لم تنجح الادارة الاميركية في عملية التحريض ضد طهران والعلاقة بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخطت المشاكل ولم يعد لدى الوكالة اي مطالب او مواقع تريد زيارتها كما اكد رئيس الوكالة الايرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي.

اذا لم يبق امام ترامب الا اللجوء لسلاحه التقليدي، اي الترهيب والوعيد والعقوبات. الادارة الاميركية قالت انها ستفعل آلية الزناد يوم السبت وستفرض عقوبات على الاطراف التي تتعامل مع ايران على اساس رفع الحظر على الاسلحة بموجب الاتفاق النووي. ماذا يعني ذلك؟

= يعني ان الولايات المتحدة باتت معزولة اكثر من قبل على الساحة الدولية. فبعد ان وجد مايك بومبيو نفسه وحيدا في مجلس الامن مع الدومينيكان ومشروعه الفاشل لتفعيل الحظر، تلقت واشنطن ضربة ثانية في نفس الحلبة الاممية. واليوم اذا ما قررت فرض عقوبات على الاوروبيين المقتنعين تماما بعدم مشروعية القرار الاميركي فان العزلة ستكبر بالنسبة لترامب خاصة من قبل حلفائه.

= يعني ان ترامب قد يلجأ الى اجراءات اكثر عدوانية. من قبيل قرصنة سفن ايرانية او غير ايرانية تتعامل مع طهران. وهذا سيعيد المشهد الى المرحلة السابقة حيث ستصر ايران على الرد كما ردت على استهداف وقرصنة سفنها (كما في حالة جبل طارق التي قرصنت سفينة ايرانية بتحريض من مستشار الامن السابق الاميركي جون بولتون). وهذا ما اكدته ايران على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي شدد على ان ايران سترد واي قرصنة واستهداف لسفنها لن يمر دون رد.

= من المتوقع ان يطلق ترامب مواقف تصعيدية في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة .(هذا ان لم يعلن فرض عقوبات على الامم المتحدة لوقوفها ضد مشروعه اللاقانوني). هذا التصعيد سيكون طبيعيا نظرا للموقف الصعب الذي يعيشه الرئيس الاميركي والمتعلق حكما بنفاد اوراقه وايضا محاولته تحقيق اي انجاز قبل الانتخابات يتبجح فيه امام الناخب الاميركي لكسب الاصوات.

واذا ما نظرنا في الاسباب التي ادت الى الوضع الحالي نجد ان الموقف الايراني منذ البداية كان عاملا محوريا في اظهار البلطجة الاميركية التي لم يعد بامكان الاوروبيين تغطيتها كما كانوا يفعلون في الاشهر القليلة التي تلت انسحاب الاميركيين من الاتفاق. كما ساهم الموقف الايراني في تقوية الاوراق التي تلعبها طهران لمواجهة السياسة الاميركية، ويكفي النظر الى العزلة التي اصبحت فيها واشنطن لادراك اهمية هذا الموقف.

اما اذا وصلت الامور الى تنفيذ ترامب تهديداته فان الموقف الايراني واضح جدا والسوابق تؤكد ان طهران ردت في كل مرة تعرضت مصالحها لخطر البلطجة الاميركية.

لكن وكما تشير التقارير وتصريحات الدبلوماسية الاوروبية، فان صراخ ترامب هو صدى للياس الذي يعيشه بعد فشل خياراته تجاه الملف النووي الايراني، كما ان اوراقه فقدت قيمتها واي خطوة تتخذها واشنطن ستكون غير شرعية وغير قانونية وغير مقبولة. لكن هل يقوم ترامب باي خطوة؟ معظم الاطراف ان لم تكن كلها تعلم ان مسدس العقوبات الاميركي فرغ من الرصاص والضغط على الزناد من خلال آلية الزناد الاميركية سيكون مجرد صدى.

حسين الموسوي – العالم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock