الأخبار العالمية

اللاجئون في تركيا ضحية الصراع الانتخابي

كلما اقترب موعد الانتخابات التركية المقرر اجراؤها منتصف العام الحالي 2023 تبرز قضية اللاجئين أكثر كواحدة من أبرز القضايا المؤثرة في المشهد الانتخابي التركي ، فمع جملة الأزمات الاقتصادية والتعقيدات السياسية التي تعيشها تركيا تضع المعارضة التركية قضية اللاجئين كشماعة تعلق عليها أسباب الحالة الاقتصادية المتردية في تركيا وارتفاع نسب التضخم والبطالة  من خلال  اتهامات للاجئين بمشاركة الشباب الأتراك فرص العمل وبالتالي ارتفاع نسب البطالة أو عبر اتهام الحكومة التركية بصرف مبالغ طائلة من موازنة الدولة لصالح اللاجئين وهو أمر  يجانب الحقيقة حيث أن إجمالي مساعدات الاتحاد الأوروبي المعتمدة في عام 2022 وصلت إلى 1.235 مليار يورو لمواصلة دعم اللاجئين في تركيا وتلبية الاحتياجات الأساسية لهم ومساعدة الفئات الأكثر ضعفًا.

ويمكن القول هنا بأن الأكثر خطورة في تصعيد ملف اللاجئين في تركيا هو ارتفاع مستوى العنصرية لدى فئات واسعة من الشعب خصوصاً في ظل تصريحات أقل ما توصف بأنها تصريحات عنصرية قادتها شخصيات من المعارضة أبرزهم زعيم حزب النصر اوميت اوزداع والمعروف بأنه الرجل الذي لا يتوقف عن إطلاق تصريحات تدعو لطرد اللاجئين بل وأنه أطلق تهديدات ذات مرة بزرع ألغام على الحدود السورية التركية لمنع تدفق اللاجئين.

ثم ما لحق ذلك من زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو والذي أغرق شوارع تركيا بلافتات تدعو لترحيل اللاجئين حال فوزه في الانتخابات القادمة. تصريحات ودعوات زعيم المعارضة تأتي بعد ادراكه جيداً بأن الأجواء باتت مهيأة في الشارع التركي إثر تصعيد خطابات العنصرية لأن تكون قضية ترحيل اللاجئين ورقة رابحة لبرنامجه الانتخابي.

الأمر الآخر الذي يجب الإشارة إليه هو أن حديث المعارضة التركية جعل الحكومة التركية تقوم هي الأخرى بإجراءات تضيق على اللاجئين أو المقيمين في تركيا لأغراض اقامة مختلفة من خلال مجموعة من الإجراءات و التي كانت سبباً في ترحيل الكثير منهم وكان للاجئين السوريين في تركيا النصيب الأكبر من هذا التضييق عبر إجراءات ترحيل المخالفين وصعوبة في إجراءات نقل مكان الاقامة أو توقيف أذونات العمل.

وهنا تجدر الاشارة الى أن اللاجئ السوري المقيم في اسطنبول مثلاً ويحمل اقامة حماية مؤقته في اسطنبول لا يستطيع مغادرتها إلى ولاية أخرى إلا بإذن من السلطات التركية وفي كثير من الأحيان يُرفض هذا الإذن كما أن إلقاء القبض على سوري يحمل اقامة الحماية المؤقتة في ولاية غير الولاية التي يحمل إقامتها هو سبب كاف لترحيله و إنهاء إقامته وهو ما حدث مع الكثيرين وفق ما أكدته مراكز حقوقية كما أنه من غير المسموح للسوري حامل إقامة الحماية المؤقتة مغادرة الأراضي التركية لأي سبب كان.
وصحيح أن هذه الإجراءات موجودة منذ سنوات إلا أن حمى الانتخابات وهذا التصعيد من التصريحات ضد تواجد اللاجئين عموماً والسوريين خصوصاً زاد من حدة تنفيذ هذه الإجراءات على أعلى مستوى.

كما أن نظرة واحدة للشارع التركي وانتشار قوى الأمن في الشوارع وحملات التوقيف المفاجئ والتأكد من حالة الاقامة ووجود باصات ترحيل في كل منطقة عبر حملات باتت شبه منظمة تعكس بشكل لا يدع مجالاً للشك كيف ساهمت الانتخابات في أن تحول ملف اللاجئين في تركيا الى ملف في غاية التعقيد ويضيق الحياة عليهم.

إن ما يجري من تضييق على اللاجئين في تركيا وأبرزهم السوريون دفع الآلاف منهم التفكير بالهجرة و البحث عن طرق مغادرة الأراضي التركية الى أوروبا عبر التهريب المحفوف بالمخاطر فالتهريب هنا اما عن طريق البحر او بطرق برية وكلاهما تسبب بضحايا التهمهم البحر أو ضحايا يتم القبض عليهم سواء من السلطات التركية أو اليونانية.

كل هذا المشهد الذي يعيشه اللاجئون في تركيا بات يمثل ضغطاً نفسياً هائلاً على اللاجئين خصوصاً وأن وسائل الإعلام التركية تحديداً المعارضة تساهم في ذلك بشكل كبير من خلال استغلال أي حدث حتى لو كان بسيطاً وتضخيمه في محاولة لإظهار اللاجئين أنهم وراء مختلف المشكلات الموجودة في البلاد ، وفي المقابل فإن أي اعتداء يتعرض له اللاجئون في تركيا لا تلقي له وسائل الاعلام المعارضة أي بال بالتالي بات اللاجئون يدفعون الثمن مرتين سواء كان منهم جاني أو كانوا ضحايا لاعتداء عنصري.

كما لا يمكن إغفال الضغوط التي تتعرض لها الحكومة التركية من المعارضة ووسائل اعلامها المؤثرة وهو الذي يدفعها في كثير الأوقات لتشديد إجراءاتها ليبقى السؤال المطروح دائماً هل بات اللاجئون ضحية الصراع الانتخابي ؟ أما السؤال الأكثر أهمية فهو ما الذي ينتظر اللاجئين في تركيا في اليوم الذي يلي نتائج الانتخابات بما ستحمله من نتائج ووعود انتخابية ستلزم من قطعها بتنفيذها؟.

نضال البرعي – مراسل العالم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock