عُدوان إسرائيلي على سورية ولبنان قد يُشعِل فتيل الحرب في المِنطقة.. لماذا نعتقِد أنّه يختلف جوهريًّا عن كُل “العُدوانات” السابقة؟
عبد الباري عطوان
العدوان الإسرائيلي الذي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه استهدف قواعد عسكريّة إيرانيّة جنوب العاصمة السوريّة ليلة أمس وأدّى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص حسب الروايات الأوليّة لا يُمكن أن يكون مِثل كل العُدوانات السابقة، ويمُر بالتالي دون رد انتقامي، سواء من إيران، أو من “حزب الله”، في ظِل حالة الاحتقان الحاليّة من جرّاء تناسل الهجَمات في أكثر من جبهة، خاصّةً أنّ الضاحية الجنوبيّة ولأوّل مرّة منذ انتصار عام 2006 تعرّضت لهُجوم بطائرتين مسيّرتين انفجرت إحداهما في المكتب الإعلامي للحزب، وجرى الاستيلاء على الثانية كاملةً، ويجري حاليًّا فحصها في مُختبرات الحزب.
***
هذا العدوان جاء مُختلفًا لأنّ نِتنياهو اعترف شخصيًّا وفي تغريدةٍ على حسابه على “التويتر” بأنّه هو الذي أعطى تعليماته بإطلاق الصواريخ لضرب الهدف المذكور، والذريعة إحباط عمليّة كان يُخطّط لتنفيذها فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في العُمق الفِلسطيني المُحتل، وهو اعترافٌ غير مسبوق، حيث جرت العادة أن يتهرّب المسؤولون الإسرائيليّون في كُل الهجمات السابقة عن تحمّل المسؤوليّة.
يستمد هذا الاعتراف الفريد من نوعه أهميّته وفرادته من كونه يأتي تأكيدًا مُوثّقًا بأنّ إسرائيل هي البادئة به، ولذلك عليها أن تتحمّل تبعاته قانونيًّا وعسكريًّا في حال إقدام الحرس الثوري الإيراني أو “حزب الله” على أيّ رد انتقامي يأتي في إطار حق الدفاع عن النفس، والرّد على العدوان.
نِتنياهو يشعُر بالقلق من تعاظُم قوّة محور المُقاومة، خاصّةً بعد الانتصارات الكبيرة التي حقّقتها، وتحقّقها، أذرعه المسلّحة في أكثر من جبهة، في غزّة واليمن، علاوةً على التقدّم الكبير للجيش العربي السوري في ريف إدلب واستعادته بلده خان شيخون الاستراتيجيّة.
فعندما يُرسل نِتنياهو طائراته المسيّرة لقصف قواعد للحشد الشعبي العراقي في قلب بغداد أربع مرّات في أقل من شهر، وأن يُعلن أن إيران ليست مُحصّنةً في أيّ مكان في العالم، وأن هدفه من هذه الغارات “هو ضرب رأس الأفعى، ونزع أنيابها المُتمثّلة في فيلق القدس ورئيسه قاسم سليماني، فإنّ عليه أن يُدرك أن إسرائيل التي باتت مُحاطةً بالصواريخ من الشمال والجنوب والشرق ليست مُحصّنةً أيضًا، وأنّ الرّد بات وشيكًا على اعتداءاته المُتكرّرة هذه، وأنّ فيلق القدس يعرف كيف يرد ويؤلم أعداءه أيضًا، فالتحرّش باللواء سليماني ليس لعبةً سهلةً تمر دون خسائر ضخمة، فالرّجل يُهدّد ويُنفّذ.
السيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله” أكّد في مُقابلته الشهيرة مع قناة “المنار” الشهر الماضي أن استهداف إسرائيل لحزب الله سواء في لبنان أو سورية سوف يُواجه بردٍّ فوريٍّ، وفي العُمق الإسرائيلي، وسيحرِق مِنطقة الشرق الأوسط برمّتها.
***
الهُجوم الإسرائيلي ليلة أمس بالطائرات المُسيّرة، الذي أجمعت الرئاسات اللبنانيّة الثلاث على إدانته باعتباره عُدوانًا على لبنان وتهديدًا لأمنه واستقراره تنطبق عليه كُل شُروط العُدوان، وبالتّالي تشريع الرّد عليه بقوّةٍ من حزب الله وأذرعه الضاربة، ولا نستبعد أن يكون إرسال طائرة مُفخّخة لقصف مكتب “حزب الله” الإعلامي الذي يشكّل قاعدةً لأدمغته التي تقود الحرب النفسيّة التي دوّخت الإسرائيليين وانتصرت عليهم، الهدف منه اغتيالها، أو ربّما هدفًا قياديًّا آخر كان من المُحتمل أنّه يتواجد في تلك اللّحظة في المكتب، ولكن المُحاولة باءت بالفشل.
كيف سيكون هذا الرّد وأين؟ ومتى؟ هذا ما لا نستطيع الإجابة عليه، ولكنّنا على ثقةٍ أنّه قادمٌ لا محالة، والصواريخ الدقيقة جاهزة، والانتقام الكبير بات وشيكًا، وسيعُض نِتنياهو ورهطه أصابعهم ندمًا على ارتكابهم هذا العُدوان الاستفزازي.. هذا إذا بقوا في الحُكم، ولا نقول على قيد الحياة.. والأيّام بيننا.
المصدر: رأي اليوم