مقالات

ست رسائل رئيسية وردت في خطاب السيد نصر الله بمناسبة ذكرى نصر حرب تموز 2006.. ما هي؟ ولماذا يعتقد ان إسرائيل لن تكسب الحرب الثالثة على لبنان ويتمسك بنظريته التي تقول بأنها اوهن من بيت العنكبوت؟ وهل محور المقاومة لشن الحرب ام لمنعها ام الاثنين؟

عبد الباري عطوان

 

باتت متابعة خطابات السيد حسن نصر الله، امين عام “حزب الله”، ضرورة لقراءة المشهد الإقليمي وتطوراته ليس بسبب ما تحتويه من معلومات وتحليلات دقيقة، وانما ايضا لاستشراف المستقبل وتطوراته، ولا نبالغ اذا قلنا ان السيد نصر الله بات المتحدث الرسمي باسم المحور الجديد العابر للطوائف الذي تتبلور جبهاته وتتسع، وتشمل دول واذرع مقاومة شرق أوسطية مركزية، واصبح يشكل ندا قويا لمشروع الهيمنة الأمريكي الإسرائيلي.

في خطابه الذي القاه عصر اليوم في مدينة بنت جبيل، عاصمة المقاومة في الجنوب، بمناسبة الذكرى الـ13 للانتصار الكبير في حرب تموز عام 2006، ركز السيد نصر الله على عدة نقاط لا بد من ذكرها قبل الوصول الى النتيجة التحليلية التي يمكن استخلاصها من ثناياها في أي محاولة لقراءة ملامح الحاضر والمستقبل معا:

أولا: حرب تموز عام 2006 كانت حربا أمريكية، وإسرائيل أداة التنفيذ فيها لإقامة الشرق الوسط الجديد، وسحق المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وتغيير النظام في سورية، وترسيخ الاحتلال الأمريكي للعراق، واجهاض المشروع الإيراني الواعد.

ثانيا: إسرائيل هي التي أوقفت هذه الحرب لأنها لم تعد قادرة على الاستمرار فيها، وطلبت من المندوب الامريكي في الأمم المتحدة جون بولتون الذي رفض مطالب عربية في البداية بوقف اطلاق النار، وليس المقاومة اللبنانية، لان الاستمرار كان سيؤدي الى كارثة كبرى لها.

ثالثا: هناك فرق كبير وشاسع بين ما كانت تملكه المقاومة اللبنانية من أسباب القوة العسكرية، وما تملكه الآن، وان هذه الحقيقة التي لا يستطيع احد الجدال فيها ويعترف بها الجنرالات في إسرائيل، خلقت حالة من الردع الاستراتيجي منعت الجيش الإسرائيلي من اطلاق رصاصة واحدة على لبنان، بحيث اصبح الجنوب اللبناني اكثر مناطق لبنان والشرق الأوسط امانا واستقرارا.

رابعا: حاولت القيادة الإسرائيلية، وما زالت تحاول على مدى 13 عاما ترميم الثقة بجيشها، ومشروعها، الذي مني بهزيمة كبيرة في تلك الحرب، ولكنها لم تحقق الا نتائج محدودة للغاية، فهي عاجزة بريا وجويا على القيام بأي عملية عسكرية كبرى ليس في لبنان فقط وانما في قطاع غزة المحاصر ايضا.

خامسا: محور المقاومة ينطلق من استراتيجية واضحة، وهي ان امتلاكه لأسباب القوة ليس لشن الحروب، وانما أيضا لمنعها، وهذه نظرية جديدة تأكدت، وتتأكد بالنظر الى التوتر الحالي في ازمة الخليج، فقوة هذا المحور، وقدرته على الرد، واسقاطه لطائرة مسيرة أمريكية، واحتجازه لناقلة بريطانية، هي مجتمعة أدت الى عدم اقدام الرئيس ترامب على الانتقام عسكريا، وقصف قواعد للحرس الثوري في العمق الإيراني مثلما توعد.

سادسا: الحرب على ايران تعني الحرب على جميع دول واذرع محور المقاومة، وما يمكن فهمه من هذا الطرح ان المعادلات القديمة تغيرت كليا، أي ان أي عدوان على أي دولة او منظومة عضو في هذا المحور هو عدوان على الجميع، وسيتم الرد عليه بشكل جماعي.

* بالنظر الى هذه النقاط الست يمكن القول بأن اسرائيل لن تخرج منتصرة من أي حرب قادمة يمكن ان تشنها على لبنان، كما انها ستكون الهدف الأكبر لاي حرب يمكن ان يشتعل فتيلها في منطقة الخليج ايضا، لان كلفة الحربين ستكون باهظة جدا، كما ان وقف أي منهما وفق الشروط او المطالب الامريكية الإسرائيلية سيكون امرا صعبا، لان محور المقاومة هو الذي يملك اليد العليا، والقرار النهائي بالتالي.

إشارة السيد نصر الله الى عودة المقاومة بقوة الى الضفة الغربية، وضربه مثلا بالأشبال الجدد الذين لا تزيد أعمارهم عن 14 عاما الذين طعنوا جنديا إسرائيليا طعنة قاتلة في القدس المحتلة، قبل ان يستشهد احدهم، وكذلك محاولة خطف جندي ثم قتله قرب مستوطنة غوش عتصيون، هذه الإشارة تؤكد ان هدف محور المقاومة هو التركيز على الضفة الغربية، الخاصرة الأضعف للاحتلال الاسرائيلي، وعدم الاكتفاء بقطاع غزة، وان جيل المستقبل سيحمل راية المقاومة ربما بطريقة اكثر شراسة وتضحية من الأجيال السابقة.

نعم تكاليف الصمود والمقاومة أرخص بكثير من تكاليف الاستسلام لعدو اوهن من بيت العنكبوت، وان تبادر الخارجية الامريكية بالاحتجاج فورا على هذا الخطاب بطريقة غير مباشرة، والحديث عن تبعات خطيرة، فهذا يؤكد حجم ألمها، ورعب الإسرائيليين أيضا، وهذا امر يسعد الكثيرين في طول العالم الإسلامي وعرضه.. والأيام بيننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock