الأخبار العربية

النكبة والعائدون والحالمون وانا

اخبرني جدي ان القوات العربية التي وصلت الى فلسطين في العام ١٩٤٨ للدفاع عنها من العصابات الصهيونية التي بدأت تستولي على المدن والبلدات الفلسطنيية طلبت منهم ان يغادروا بلدتنا الواقعة الى الغرب نحو الشرق لعدة ايام حتى تنتهي الحرب.

العالم – قضية اليوم

اثناء عملية اللجوء وبعد اشهر مات والد جدي بعد ان كان يتمنى ان يدفن في بلدته الصغيرة، اما والد جدتي فضحك كثيرا وقال انه سيعود الى البلدة وانه سيموت هناك وسيدفن في مزارع البرتقال والليمون لكنه بعد اعوام قليلة مات في المخيم الذي استقر المقام به، مات في الزقاق التي لم تعرفه يوما ولم يعرفها، مات وهو يشتم رائحة البحر الذي تطير نسائمه فتصطدم باوراق اشجار الليمون والبرتقال اليافاوي ليصنع رذاذ البحر ورائحة الحمضيات عطرا ينافس عطر باريس الفاخر.

اما جدي فظل حتى نهاية القرن الماضي يروي عن مدرسة البلدة التي درس بها الابتدائية وظل يجتر الذكريات عن البلدة التي اصبحت توصف بالمهجرة ، كان يروي عن اشجار الحمضيات ايضا لكنه كان يتذكر اشجار الصبار التي كانت تحيط بالبلدة وتشكل جدارا طبيعيا له ، جدي حدثنا يوما عن ذاكرة الارض وعن كرم البطيخ، كانت ثمرة البطيخ يصل وزنها الى اكثر من عشرة كيلو غرامات وحلوة كالشهد لا بل احلى منه، ذهب جدي يوما الى البلدة المهجرة فوجد منزله الذي غادره وهو في الرابعة والعشرين من العمر قد احتل من يهودي جاء من اطرف الدنيا طلب منه السماح له فقد ان يمر على الذكريات فيه لكن اليهودي رفض وعاد جدي الى المنزل خائبا ، جدي فاضت روحه وهو يظن انه الى هناك عائد وظل يحتفظ بالصور في ذاكرته لكل شيء ، للبئر المهجور للاحجار التي شيّد بها البيت حتى الاعشاب التي تحيط بشجرة الجميز استعادها في ذاكرته،

والدي هاجر من بلدتنا كان يومها في الثانية من العمر هو لا يذكر شيئا لكنك ان جالسته ستدهش من التفاصيل التي يرويها لك عن المدرسة التي بنيت قبل الهجرة وعن عدد الذين التحقوا بها وهو يحدثني دوما عن حدود ارض جدي ، هي تبتعد خطوات عن اسوار المدرسة والبيت فوق تلة البلدة ولنا هكتارات حول البيت وفي المزرعة، يروي والدي كانه كان هناك وزرع الارض بنفسه ، احاول ان اجالس والدي وان اسجل بالذاكرة الصورية شكل البلد التي هاجر منها اسلافي وسانقل لابنائي عبر التكنولوجيا حينا وبالطرق التقليدية احيانا عناوين البيوت في بلدتنا المهجرة واسماء العائلات والافخاد كي يفهموا انهم لاجئون لكن الاهم انني ساوصيهما بان لا يصدقوا العرب وان يفهموا ان الظفر هو الوكيل الحصري لحك جلدك .

فارس الصرفندي – العالم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock