مقالات

نـصـرةً لـنـداء الشـيـخ حسـن التـريـكي

 

صالح الصيرفي

معلومٌ لكلِّ العارفين والرساليين الواعين أنَّ الخطوةَ الأولى في سُلَّمِ رُقِيِّ الإنسان ونجاحه – أيِّ إنسان – هي الاعترافُ بالحقيقة والذنب، وأنَّ الاعتبارَ والعِبرةَ والمراجعةَ من أجل النهوض والقيام من جديدٍ نحو الحركة والتطور والرقي هي الخطوةُ الثانية.

ومثلما هناك إخفاقاتٌ وأخطاءٌ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى لشيعةِ العراق منذ يوم الطفِ مروراً بإستجلاب حثالات قريش وتنصيبهم ملوكاً على العراق وخذلان عبد الكريم قاسم، إلى إفشال تجربة حكم المالكي ، فهناك أيضًا انتصاراتٌ نوعيةٌ عراقية حفرتْ عمقَ التاريخ والوجدان الإنساني والإسلامي والشيعي ، لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، منذ ثورةِ التوابين والمختارِ مروراً بثورة العشرين إلى يومنا هذا في القضاء على المشروع الصهيوني الوهابي الداعشي.

وفي ضوء ما تقدَّمَ أقول: اليومَ، ونحنُ نعيشُ هذا المفصلَ التاريخيَّ في حاضرِ المنطقةِ ومستقبلِها والعالم، فإنَّ الجمهوريةَ الإسلاميةَ (في المقام الأول) والجمهوريةَ اليمنيةَ العزيزةَ (في المقام الثاني) تمثلانِ – وبالإجماع العقلائيِّ العالميِّ – العاملَين المُعادِلَين للقوة في التوازن الإقليميِّ والدوليّ في مواجهة قوى الهيمنة الصهيونية العالمية الغربية وذراعِها الكيانِ الصهيونيِّ. وهما القلعتانِ الوحيدتانِ المقاومتانِ والصامدتانِ والصابِرتانِ في وجه قوى الطغيان، وهما بمثابة الصدِّ الأول في معادلة الصراع العالميِّ بين محورِ الصين وروسيا وجنوب إفريقيا، ومحورِ أمريكا والغرب الصهيونيِّ.

والجمهوريةُ الإسلاميةُ الإيرانيةُ تمثِّلُ اليومَ – بثقلِها وموقعِها وقوَّتِها وقدراتِها الكبيرة – الدرعَ الواقيَ لعدم سقوط الأنظمة العربية والإسلامية (الـ55) جميعًا، سواءٌ المُحايدةُ وشبهُ المستقلةِ أو الحليفةُ والمُطبِّعةُ والعميلةُ، هذا أولًا.

وثانيًا: لا يختلفُ اثنانِ من عقلاءِ ونجباءِ وأحرارِ الشيعةِ بأنَّ الجمهوريةَ الإسلاميةَ، المتمثلةَ بالقائدِ الوليِّ الفقيهِ السيد علي الخامنئي، تمثِّلُ بيضةَ الإسلامِ ودرَّةَ الشيعةِ، وحاضرَ التشيُّعِ ومستقبلَهُ. نحيا بحياتها، ونموتُ بموتِها، نصحو بصحوتِها، وننامُ بنومِها، نصرخُ بصراخِها، ونخرسُ بخرسِها. وهي الرايةُ المؤيَّدةُ من الغيبِ والسماءِ، والمسدَّدةُ من الإمامِ الحجةِ المنتظرِ (عج) بالدليلِ والحجةِ الملموسةِ، وأدلَّتُها لا تُعَدُّ ولا تُحصَى منذ معجزةِ قيامِها، مرورًا بمعجزةِ طبسَ، وانتهاءً بما نراه بأمِّ أعينِنا ونسمعُه بأصمَّ آذانِنا من إعجازٍ غيبيٍّ وتأييدٍ إلهيٍّ في هذه المعركة.

وكذلك لا يختلفُ اثنانِ من عقلاءِ ونجباءِ وأحرارِ الشيعةِ بأنَّ اليمنَ العزيزَ بقيادةِ السيد عبدالملك الحوثيِّ وأنصارِه يمثِّلُ اليومَ رايةَ هدىً لهذه الأمَّةِ الإسلاميةِ التائهةِ المُضَلَّلةِ، وهي رايةُ حقٍّ ولائيّةٍ، تَهتَدي بالإمام المهديِّ (عج)، وتُمهِّدُ لرايةِ اليمانيِّ التي تَظهَرُ بظهورِ الإمام الحجةِ (عج) كما جاء في بعض الروايات.

وفي الوقتِ نفسِه، لا يختلفُ اثنانِ من العقلاءِ بأنَّ العكسَ هو الصحيحُ بالنسبةِ لموقعِ إسرائيلَ في قلبِ المشروعِ الشيطانيِّ لدولِ الهيمنةِ الصهيونيةِ الغربيةِ، وأنها تمثِّلُ القاعدةَ المركزيةَ في جوهرِ الصراعِ بين قوى الخيرِ والشرِّ العالميِّ.

وبالعودةٌ إلى عنوان المقال:
فإنَّ تغريدةَ الشيخ حسن التريكي أو نداءَه («إنَّ للخامنئي ربًّا يحميه») ما هما إلا صرخةُ تحذيرٍ واستنهاضٍ لأهلِ الشأنِ المرجعيِّ، سواءٌ الفقهيِّ أو السياسيِّ، من مغبَّةِ الاجتهادِ المتردِّدِ أو المتساهلِ أو المتواكِلِ في نُصرةِ ابنِ الزهراء السيد علي الحسيني الخامنئي ودولتِه المباركة. فما ثورةُ التوابين لسليمان بن صرد الخزاعيِّ، ولا حركةُ المختارِ، غيَّرتا وجهَ التاريخِ أو أعادتا الحكم إلى بني هاشمٍ! بل حدثَ العكسُ! والسببُ هو الاجتهادُ الخاطئُ في تقديرِ الأمورِ، والتباطؤُ في التبادر إلى مواجهة ابن زياد بعد دخوله إلى الكوفة متخفياً خائفاً يترقب، ولا استبقوه إلى ملاقاة الامام الحسين (ع) في منتصف الطريق، ولا إستعادوا زمام المبادرة بعد مقتل مسلم بن عقيل، (رضوان الله عليه).

وأخيرًا وليس آخرًا، فإنَّ قدرَنا ومصيرَنا ووجودَنا وحاضرَنا ومستقبلَنا كأحرارٍ وكعربٍ وكشيعةٍ يرتبطُ ارتباطًا مباشرًا بقوَّةِ هاتين الرايتينِ وصمودِهما ووجودِهما، شئنا أم أبينا.

وأقولُ للذين يؤاخذون الجمهوريةَ الإسلاميةَ على أخطائِها، أو اليمنَ على زيديتِها: لا إيرانَ دولةً تحكمها الملائكةُ والمعصومون، ولا اليمنَ يحكمها الوهابيون والسلفيون!

وما أرادَ اللهُ من الناسِ أن يكونوا أنبياءَ أو ملائكةً، وإنما غايةُ ما أرادَه اللهُ منا قولُه تعالى:
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}** [البقرة: 177].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock