الدعاء لغزة والتعزية بالشهداء جريمة جديدة في عيون الاحتلال!

في ظل التصعيد المستمر للأحداث في الأراضي الفلسطينية، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على قرار مثير للجدل بإبعاد خطيب المسجد الأقصى، الدكتور محمد سليم، بتهمة “الدعاء في الصلاة لقطاع غزة”.
العالم-الاحتلال
ويشكل قرار قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الجمعة، إبعاد خطيب المسجد الأقصى الدكتور محمد سليم بتهمة “الدعاء في الصلاة لقطاع غزة”، تكريساً لواقع جديد بات فيه الدعاء للقطاع الذي يواجه حرب إبادة إسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أو تقديم العزاء بالشهداء تهماً يحاسب عليها قانون الاحتلال.
وسلّمت سلطات الاحتلال بعد ظهر الجمعة، خطيب المسجد الأقصى الدكتور محمد سليم قراراً بالإبعاد عن المسجد ومحيطه، وذلك بعد اعتراضه واقتياده إلى مركز تحقيق القشلة في القدس، ومن ثم تم التحقيق معه. وقال سليم في تعليق مقتضب لـ”العربي الجديد”: “اعترضت شرطة الاحتلال الإسرائيلي طريقي بعد صلاة الجمعة، خلال مغادرتي من باب المجلس (الناظر) غربي المسجد، وسلّمتني قراراً بالإبعاد عن المسجد الأقصى ومحيطه لمدّة أسبوع، حتى الخميس القادم”. وتابع سليم: “بحسب القرار، سيتم تجديد قرار الإبعاد لمدّة 6 أشهر، حيث نص القرار أن الذريعة في الإبعاد هي (الدعاء في الصلاة لقطاع غزة)”.
وحذّر المحامي والمستشار القانوني لمحافظة القدس مدحت ديبة في حديث مع “العربي الجديد”، “من خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتكريسها واقعاً قانونياً ينطلق من تفسير أي شيء يقوم به الفلسطيني معنوياً على أنه دعم للإرهاب مثل الدعاء والتعزية”. وقال ديبة: “الشيخ محمد سليم من الخطباء المفوّهين، والذي يمتاز بدقته، ولديه قاعدة شعبية كبيرة بين الناس، والهدف من توجيه التهم له اليوم هو إخراجه من المسجد الأقصى”.
وأضاف ديبة، “للأسف ما حصل مع الشيخ محمد سليم هو اعتداء صارخ على السيادة الأردنية، لأن خطباء المسجد الأقصى سواء الشيخ عكرمة صبري أو الشيخ محمد سليم يعتبرون من الأئمة الذين يتبعون مباشرة إلى وزارة الأوقاف الأردنية، والتي تعتبر وزارة سيادية أردنية تدير شؤون المسجد الأقصى المبارك، وبالتالي ما جرى مع الدكتور محمد سليم يعتبر تدخلاً صارخاً على موظف يتبع لوزارة سيادية للمملكة الأردنية الهاشمية تحت الإرادة الملكية مباشرة”.
ونبّه ديبة إلى “أن المسجد الأقصى تحت الوصاية الهاشمية، ما يستوجب تدخلاً من وزارتي الأوقاف والخارجية الأردنية، إضافة إلى أن إبعاد خطيب المسجد يعتبر جريمة حرب، لأنه تم إبعاده عن مكان العبادة، وتدخلاً صارخاً في أماكن عبادة خالصة للمسلمين، وهذا يعتبر تغييراً في الأمر الواقع (الستاتيكو) الموجود منذ احتلال القدس حتى اليوم”.
وبحسب ديبة، فقد أوجدت سلطات الاحتلال بعد الحرب على قطاع غزة واقعاً تقوم بالقياس عليه، وذلك بعد اعتقال الشيخ عكرمة صبري قبل ستة شهور بتهمة الدعاء للشهداء، حين دعا الشيخ صبري قائلاً: “نحتسب إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) شهيداً”، وبناء عليه تم استدعاؤه وإخضاعه للتحقيق لمدة ست ساعات، وإصدار قرار بإبعاده عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع وتم تجديده لمدة أربعة شهور.
ولا يستبعد ديبة أن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسن قانون يجرّم فيه الدعاء، وذلك اعتماداً على ما يقوم به اليوم من سوابق بدأت العام الماضي عبر اعتقال الشيخ عكرمة صبري، وتم تقديم لائحة اتهام ضده في ذلك الحين من ثلاث تهم، إحداها الدعاء للشيخ الشهيد إسماعيل هنية الذي يشغل عضوية هيئة علماء المسلمين، حيث تم إدراج التهمة أن الشيخ صبري دعا لهنية الذي تصنف إسرائيل حركة حماس التي يقودها أنها حركة إرهابية، ومن ثم الدعاء له يشكل (تماهياً مع الحركة)، بحسب ادعاء نيابة الاحتلال.
وقال ديبة: “هناك تهمة أخرى للشيخ صبري تعتبر أيضاً سابقة، وهي القيام بالتعزية بشهيد، تم أدراجها كتهمة في لائحة الاتهام، وتم تفسيرها من قبل نيابة الاحتلال أنها تشجيع على الإرهاب، وبالتالي أصبح هناك تهمة جديدة وهي (أن التعزية بالشهداء تعتبر تماهياً مع الإرهاب)”. وأضاف ديبة، “اليوم في ظل نظام قانون الطوارئ الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ الحرب على قطاع غزة، أصبح أي شيء لا يدعم جرائم الاحتلال والمستوطنين يعتبر دعماً وتماهياً مع الإرهاب، حتى الدعاء”.
إقرأ أيضاً..مستوطنون يقتحمون الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلال
وساق ديبة عدة أمثلة على ما آلت إليه الأمور من حالة هوس إسرائيلي لكل ما يتعلق بالدعاء أو ذكر الشهداء، وربط ذلك بدعم المقاومة التي يعتبرها الاحتلال (إرهاباً) على حد تعبير نيابة الاحتلال ومحاكمه. ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، وفق ديبة، قيام الاحتلال بفصل محامية فلسطينية من مدينة حيفا نشرت على السوشال ميديا قبل عدة أشهر قلباً أخضر، حيث تم فصلها من نقابة المحامين، وتم تفسير القلب الأخضر أنه تماهياً مع حركة حماس، وتماهياً مع الإرهاب، بحسب ادعاء الاحتلال، وفق ما يؤكد ديبة.
وبحسب ديبة، “ما نلاحظه هو سياسة متبعة منذ عام 2017 حتى اليوم تتمثل بتغيير الأمر الواقع في المسجد الأقصى المبارك والقدس، من أجل خلق واقع جديد مفاده أن القدس والمسجد الأقصى تحت السيطرة الإسرائيلية بالقوة، لأن سلطات الاحتلال تفتقد للسيادة المقرونة بالحق الطبيعي، والتي يمتلكها الفلسطيني، لأنه صاحب الأرض”.
المصدر : قناة العالم .