مقالات

دعـوة لإحـيـاء فـكـرة كونـفـدرالـيـةالمقـاومـة الـعـالـمـيـة

بقلم / صالح الصيرفي

16فبراير2025

بدون مواربة أو تضليل، وبدون مكابرة أو عناد.
في عام 2013، تحدث سيد شهداء المقاومة، السيد الأقدس حسن نصر الله، عن بدايات تشكُّل المحور الأمريكي-الصهيوني-اليهودي العالمي، مستندًا إلى قراءته للمعطيات السياسية والميدانية آنذاك. وها نحن اليوم نشهد تحقق تلك القراءة، حيث اكتملت أركان هذا المخطط .
1- لقد باتت الولايات المتحدة، بحكم الواقع السياسي والميداني، تفرض سيطرتها على العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وعلى العالم الإسلامي من المحيط الهادئ إلى الأطلسي وشمال إفريقيا. كما بسطت نفوذها على أوروبا، من المحيط الأطلسي وبحر الشمال إلى البحر الأسود، حيث تنتشر قواتها في أكثر من 1200 قاعدة عسكرية، منها 800 قاعدة تمتلكها بالكامل، موزعة بين القوات الجوية والبحرية والبرية في أكثر من 150 دولة.
2- في ظل هذه العسكرة الأمريكية، يطالب رئيسها دونالد ترامب اليوم بأن تكون الولايات المتحدة شريكًا مجانيًا في أرباح وموارد الإنتاج العالمي، بدءً من صناعة السراويل والجوارب، مرورًا بالصناعات الثقيلة والمتوسطة، وصولًا إلى قطاعات التجزئة والسياحة، وعلى رأسها موارد الحج والعمرة!
3- الوضع الحالي للمقاومة يمر بمرحلة حرجة، خاصة بعد سقوط سوريا في قبضة الجماعات التكفيرية والقوى الإسرائيلية والأمريكية، إضافة إلى النفوذ التركي المدعوم من الإخوان الماسونيين.
هذا التطور يشكل لغماً جديداً في مشروع تفتيت الأمة، وقد تتحول سوريا، بقيادة الجولاني، في أي لحظة إلى كيان وظيفي يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية في مواجهة قوى ودول المقاومة
4- دول وقوى المقاومة (فنزويلا، كوبا، كولومبيا، نيكاراغوا، جنوب إفريقيا، إيران، اليمن وغيرهما ) محاصرة ومخنوقة، وكذلك الفصائل المقاومة كحزب الله، وحماس، والجهاد، والحشد الشعبي ، والحركات الغربية لمناهضة العولمة وباقي قوى وفصائل المقاومة .
5- محور المقاومة يواجه خطرًا وجوديًا، بينما فلسطين وصلت إلى أعلى مستويات الخطورة.
6- الواقع الدولي اليوم يثبت أن الصهيونية العالمية تعيش أوج نفوذها وسط أنظمة علمانية “ديمقراطية” تتبنى الوحشية والطغيان والديكتاتورية الشمولية والسلوك البوليسي القمعي.
7- المؤسسات الدولية والإقليمية باتت أدوات طيعة للبنوك والشركات اليهودية الصهيونية العابرة للقارات.
8- وهو الأخطر ؛
لقد باتت شركات التكنولوجيا الرقمية تفرض سيطرتها المطلقة على صناعة الرأي العام، حيث لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية مجرد أدوات للتواصل، بل تحولت إلى آليات معقدة تبرمج العقول وتعيد تشكيل المواقف وفقاً لأجندات خفية.
حيث تعتمد هذه الشركات على خوارزميات ذكية تحلل سلوك المستخدمين، وتحدد اهتماماتهم، ثم تغذيهم بمحتوى موجه يعزز قناعات معينة ويطمس أخرى.
ونتيجة لذلك، أصبح من السهل التلاعب بعقول البسطاء والسذج، الذين يتم استهدافهم بمحتوى عاطفي أو مضلل، مما يجعلهم أدوات غير واعية تُستخدم لخدمة مصالح القوى الكبرى.
ولا يتوقف الأمر عند مجرد التأثير في الآراء، بل يتعداه إلى تشكيل الاتجاهات السياسية والاجتماعية، بحيث تستطيع هذه القوى توجيه الجماهير ضد جهات معينة، أو حشدهم لدعم قضايا تتماشى مع مصالحها، كل ذلك دون أن يدرك المستهدفون أنهم خاضعون لعملية تلاعب ممنهجة
العالم أصبح غابة، حيث يلتهم القوي الضعيف، ثم يأتي من هو أقوى ليبتلع من سبقه.
9- اليمين العنصري الشعبوي في الغرب يحقق انتصارات متتالية، ويسيطر على مراكز القرار.
10- الطائفية بلغت ذروتها في أمة المليار مسلم، سواء بين علمانييهم أو سلفييهم.
11- الشعوب العربية والإسلامية لا تزال غارقة في سباتها العميق، تعيش على هامش الحضارة، منشغلة بلقمة عيشها وشهواتها.

في ضوء ما تقدم، يمكننا القول
أولاً : إن محاولات تفجير الشرق الأوسط، التي بشّر بها كيسنجر قبل وفاته، قد بدأت بالفعل على أرض الواقع.
ويتجلى ذلك فيما حدث ويحدث وما سيحدث في سوريا ولبنان وغزة، مرورًا باليمن والعراق، وانتهاءً بإيران.
أما ثانياً : ، فيتمثل في مساعي إخماد نيران الحرب الأوكرانية-الأوروبية-الروسية عبر نقلها إلى الشرق الأوسط.
ومع ذلك، نكرر القول :
إن الأميركيين والإسرائيليين وأتباعهم من الدول والقوى العربية العميلة والخائنة والمأجورة واهمون، إذ إن أي اشتعال للنار في الشرق الأوسط لن يلبث أن يحرقهم أولًا وآخرًا.
وعليه، فإن المطلوب اليوم من قوى ودول محور المقاومة العمل على ثلاثة خطوط متوازية نسبياً وفقاً للظروف:
الخط الأول: التركيز على استهداف “الرأس”، أي توجيه ضربات نوعية موجعة للمصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة وداخل إسرائيل نفسها، مع تبني أساليب وتقنيات حديثة في هذه المواجهة، خاصة أن الذكاء الاصطناعي الصيني أصبح متاحًا للجميع.
الخط الثاني: إعادة تكرار وتطبيق تجربة وأنموذج الثورة الشعبية في 21 سبتمبر 2014 لأنصار الله في اليمن بقيادة القائد السيد عبدالملك الحوثي، حيث أثبتت هذه الثورة أن الإرادة الشعبية قادرة على قلب الموازين وإسقاط الهيمنة الأجنبية وأدواتها المحلية.
لقد كانت هذه التجربة نموذجًا ناجحًا في التحرر من الوصاية، وإعادة بناء القرار الوطني المستقل، وتحقيق إنجازات استراتيجية في مواجهة العدوان والحصار.
أما الخونة والعملاء الذين يخدمون المشروع الصهيوني، فيجب تركهم يواصلون نباحهم إلى حين إضعاف المركز الأساسي.
و في هذا السياق لا بد من التذكير؛ على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بما تمثله من قوة إقليمية وعالمية يُحسب لها ألف حساب، أن تُعيد النظر في سياساتها التكتيكية والاستراتيجية، وأن تعمل على التدخل المباشر لحماية ما تبقى من نفوذها في المنطقة. وإلا، فإن سُنن التاريخ لا ترحم، وقد يستبدلها الله براية أهدى من رايتها .

الخط الثالث: الاستفادة من حالة الرفض والتذمر العالمي تجاه الطغيان الأميركي والإسرائيلي عبر تفعيل الجهود الرامية إلى تأسيس حركة عالمية لمناهضة هذا الاستبداد.
وقد سبق أن طرحتُ هذه الفكرة منذ عام 2018 في سلسلة مقالات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجمعتها في كتيب نُشر عام 2019 بعنوان “ضرورة تأسيس منظمة كونفدرالية المقاومة العالمية”،
حيث أوضحتُ فيه أهدافها وآليات عملها (مرفق طياً ملف PDF).
و اليوم، نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إحياء هذه الفكرة، تطويرها، وتفعيل مساراتها. إننا مؤمنون بأن الله معنا، وهو ناصرنا على القوم الظالمين. وحتى إن حاصرونا ومنعونا من امتلاك السلاح، فسنواجههم بعقولنا الذكية، وأجسادنا الصامدة ، وحجارتنا السجيلية ، وأصواتنا، وإرادتنا الصلبة التي تثير رعبهم وتقض مضاجعهم.
نحن أمة تنتسب إلى محمد وعلي والحسين (عليهم السلام)، أمة لا تستسلم ولن تستسلم، ولا خيار لنا سوى المقاومة
فأما الشهادة في سبيل الله، وإما النصر على الظالمين والخونة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock