مقالات

حـرب جـنــوب لـبـنـان بـيـن الإنـتـصــار بـالـنـقـاط وقــرار الـضـربـة الـقـاضـيــة

 

بقلم / صالح الصيرفي 2024Sep26

استكمالاً لمقالنا السابق ( الحرب المفتوحة ومآلاتها) بات من المؤكد اليوم إن لم يكن من اليقين إن أمريكا ولقيطتها اسرائيل مصممون على تكرار سيناريو غزة في جنوب لبنان والبقاع ، وإن هذا السيناريو الامريكي الصهيوني الناتوي الاوربي- العربي يسير بخطى ثابتة – وهذا المخطط الذي وضعه اللوبي اليهودي الامريكي- الاسرائيلي برئاسة وزير الخارجية ومساعديه بلنكن وهوكشتاين وسوليفان، ملخصه؛ القضم الجزئي والمرحلي في القتل والتدمير والتهجير واحتلال الارض بغطاء دبلوماسي وسياسي تفاوضي ومارثوني خادع ، واعلام رقمي مخادع يستخدم الذكاء الاصطناعي في ترويج الرواية والسردية الصهيونية الاسرائيلية على الشبكة العنكبوتية بمعنى؛ إنهم يبيعون الوهم ، وهم السلام والحياد والتفاوض و في نفس الوقت يواصلون القصف والمجازر والتوسع في الحرب والاحتلال سواء في غزة أو في جنوب لبنان أو في الضفة وسيناء مستقبلاً .
والمؤسف في هذا الأمر أنه لم يخطر ببالنا أن يقع البعض من الذين وصلوا الى السلطة والقرار في مصيدة هذا الوهم الصهيوني الامريكي والفخ التفاوضي المخادع ، لذلك خيبوا ظننا في تصريحاتهم المتشظية والمتناقضة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على برائتهم الإيمانية وسذاجتهم السياسية وقلة خبرتهم الدبلوماسية، حتى وإن مارسوا السياسية من أبواب أخرى ، لأن ممارسة العمل السياسي التنفيذي أو التشريعي شيء ، والقيادة شيء آخر ، فضلاً عن فقدان البراعة في قيادة وإدارة الصراع .
وفي ضوء ما تقدم ؛ واهم جداً من يعتقد إن بإمكانه مسك العصا من المنتصف في إدارة الصراع الوجودي والمصيري بين عدو شيطاني متوحش ومتعطش لسفك الدماء والهيمنة والسيطرة ، وبين من يقاوم بسلاح أعزل وعدة رادعة لا تقارن بمن يمتلك آلة التدمير وسلاح الدمار الشامل ، وبالتالي في هذا النوع من الصراع الإلغائي الإستئصالي لا يوجد تفاوض أو تهادن أو تذاكي أو مراوغة بل هي المواجهة المباشرة التي لاتراجع أو تباطىء فيها بدليل التاريخ ، تاريخ الصراع بين المصلحين والظالمين بين الطغاة والمستضعفين بين الانبياء والكافرين، وخير مثال هو غزوة (حمراء الأسد) التي قاتل رسول الله(ص) قريش فيها بالجرحى – جرحى معركة (أحد) ، كما جاء في قوله تعالى في سورة آل عمران : ( ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿172﴾ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴿173﴾ فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴿174﴾ ،
وفي ضوء ما تقدم يبرز السؤال الكبير : في خضم هذا الصراع الوجودي المتوحش مالعمل لإيقاف هذا التوحش اللاانساني عند حده ؟
الجواب؛ طالما ونحن نخوض صراعاً حضارياً ووجودياً متوحشاً وحرباً تفتقر إلى أبسط المعايير الإخلاقية والقيّم الإنسانية، فلا بد من التعامل بالمثل والمقابلة، بمعنى إن الكلفة البشرية المدنية الصهيونية هي السبيل الوحيد بل الأوحد لإيقاف العدو عند حده ، وهذا هو تفسير قوله تعالى في سورة النساء: ﴿إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُون ﴿104﴾ في رأينا القاصر، وإلا ما تفسير عدم إكتفاء امير المؤمنين علي (ع) قتل أعدائه في صفين والنهروان إلا بشقهم نصفين متعادلين في سيفه؟ وهنا لانريد أن نقيس أو نبرر المحضور الشرعي فهو ليس من إختصاصنا، ولكن لا بد من التذكير بهذه الحيثية التي تنص على أن الكيان الصهيوني لا يمثل دولة ذات سيادة ولا أصالة لشعبه، بل هو معسكر وقاعدة حربية متقدمة للغرب الصهيوني وإن أكثر من في الداخل الاسرائيلي هم عبارة عن جيوش من العسكريين والمستوطنين والموظفين والمهنيين الحربيين، فكل صهيوني اسرائيلي من ذكر أو أنثى هو عسكري حربي وإن كان كاسباً أو مزارعاً أو عاملاً أو حرفياً أو موظفاً أو تاجراً مدنياً وبالتالي الكيان الصهيوني كيان غير طبيعي وفريد من نوعه وليس له شبيه أو مثيل على الكرة الأرضية .
وواهم من يعتقد أن الكيان الصهيوني كيان طبيعي ، وواهم من يريد أو يتعامل مع هذا الكيان إسوة بالدول والشعوب ذات الأصالة والسيادة والمصداقية ، وواهم من يقارنه بنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، وواهم من يعتقد إن تجرية جنوب افريقيا في التحول السياسي والديمقراطي يمكن أن تنطبق على الكيان الصهيوني ، وواهم من يعتقد بأن هناك مساحة أو فرصة من التعايش أو العيش المشترك مع صهاينة اسرائيل حاضراً أو مستقبلاً .
هذا الكيان الغاصب عبارة عن غدة سرطانية زرعت في جسد الأمة الاسلامية ولا بد من إستئصالها وإزالتها بشتى الطرق والأساليب التي على رأسها القرار بالضربة القاضية في تدفيعه أثمان باهضة من الكلفة البشرية العسكرية والمدنية .
هذا هو الحل ولا حل غيره ، وهذا هو السبيل الوحيد للقضاء عليه أو لإيقافه عند حده كحد أدنى فاتبعوه ، ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الانعام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock