*الاحياء الحسيني بين البعد الروحي والبعد السياسي*

بقلم الشيخ /جاسم المحمد علي
في هذه الأيام الروحية الخاصة ونحن نعيش مع ذكرى النهضة الحسينية، نستنشق عبق التوحيد، والجمال، والكمال، والعزة، والكرامة…ونستلهم روحيات الصمود والاباء والشموخ، الذي قد يضعف لدى البعض مع تفاقم تحديات الحياة وتصاعد صعوباتها المتنوعة..
في هذا السياق، علينا في الاحياء الروحي والحركي والاجتماعي لثورة الحسين(ع) أن نبتعد عن الاستحضار التاريخي الجاف الذي يحنّط الذكرى الحسينية ويفرغها من محتواها؛ لأنها تناقض رسالتها الإلهية التي أرادت ان تكون حركة انسانية حية متجددة، وتتحول الى نموذج للاحرار والثوار في كل الأجيال والأزمان ..
والنهضة الحسينية غنية بأبعادها المتنوعة من الجانب الروحي، والجانب الفلسفي الفكري، والجانب السياسي والاجتماعي، لكن قاعدتها المركزية التي تحتاج الى تظهير مكثف هي محورية التوحيد بدلالاته المتنوعة ..
فالتوحيد لله، والفناء في إرادته، والتمحض في عبوديته، والاعتماد الكلي التام عليه.. استوعب مشهديات الحدث الحسيني من منطلقاته ودوافعه، ومرورا بمساراته ومحطاته، وانتهاءً بغاياته وأهدافه… فمرجعية التوحيد الإلهي في النهضة هو سبب خلود الثورة الحسينية وتألق جمالها وديمومة حضورها في الحياة البشرية على صعيد البعد العرفاني والتوغل في ساحة الارتباط بالكمال المطلق، وصولا الى الاسترشاد بها في رسم منهجيات المواجهة للظلم والجور والطغيان ..
واتصالا بما سبق، نستحضر بين يدي عاشور انتفاضة محرم المجيدة التي انطلقت قبل ٤٥ سنة في ساحتنا الايمانية في القطيف والأحساء، تفاعلا مع أحداث الثورة الإسلامية في إيران، في اطار الاستلهام من مبادئ النهضة الحسينية الخالدة … فكانت الانتفاضة منطلقا ثوريا واعدا لتاريخ نهضوي جديد في ساحة الجزيرة العربية ولا زالت .. وهي اليوم حية في الوعي السياسي والثوري، وتمد جبهة المعارضة المعاصرة اليوم بالكثير من الروحيات والأفكار والمعنويات ..