الأخبار العربية

هل تبصر العلاقات السعودية التركية النور في ظل ما عليه البلدين؟

هل استعانة السعودية بطائرات تركيا ومرتزقتها “مجرد مزاعم”؟ وماذا عن توثيق أنصارالله لإسقاطهم الطائرة التركية المسيرة “كاريال” بالصّور؟ وما هي أسباب إغلاق المدارس التركية في السعودية بعد حملات مقاطعة البضاعة التركية ودعوات تسفير الأتراك؟ وهل تتعمد الرياض غلق أبوابها بوجه أنقرة واستفزازها بمشاركة اليونان “عين الصقر”؟

العالم – السعودية

تبدو الرياض غير مكترثة بتقدير الموقف التركي، على الأقل بما يتعلق بملف قضية جمال خاشقجي، وعدم إدراج الملف الأمريكي الذي يوجه الاتهام لمحمد بن سلمان ومحاكمة قتلة خاشقجي باسطنبول، وتورطه المباشر بإعطاء الأمر لقتل الصحافي السعودي المغدور في قنصلية بلاده، فالتقدير السعودي بحسب أوساط سعودية، يرى أن عدم جرأة واشنطن على معاقبة الأمير بن سلمان، قد أسقط أهمية هذا الجميل التركي بما يتعلق بعدم اتهام الأمير الشاب تركيا.

السلطات السعودية، يبدو أنها تريد الإمعان في خصومتها مع أنقرة، فبعد خطابات استعراضية هجومية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قيادتها وعلى خلفية جريمة مقتل خاشقجی، والوعد بتقديم القاتل الحقيقي للعدالة، ها هو المسؤول في وزارة التربية والتعليم التركية أحمد إيمرة بيلجلي، يقول بأن سلطات المملكة قامت بإغلاق كافة المدارس التركية في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ويبدو أن هناك جهودا تركية قد بذلت لمنع هذا، وفشلت وفقا للمسؤول التركي أحمد إيمرة.

وإلى جانب إغلاق المدارس التركية، تواجه وفقا لإيمرة، المدارس التركية “العديد من المشاكل والصعوبات”، وهو ما يشي بوجود نهج سعودي ممنهج ضد تركيا خارجيا، وداخليا، فحملة مقاطعة البضائع التركية لا تزال على حالها، ووفقا لرجال أعمال أتراك، فإن المملكة قد أعادت ما مجمله 12 حاوية تركية، ولا تزال تمنع شراء البضاعة التركية شعبيا بحملات المقاطعة، واللافت أن البضاعة السعودية لا تزال تملأ أسواق تركيا، وأنقرة يبدو أنها ليست في وارد حمل فرض المعاملة بالمثل، فتجارها باتوا يشتكون عدم دخول بضائعهم السوق السعودي، وتركها في الميناء لأشهر عدة، وهو ما يتسبب لهم بخسائر مادية كبيرة.

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لا يزال ينتظر خطوات إيجابية من السعودية، بعد سلسلة خطابات غزلية قدمها الرئيس أردوغان للمملكة، والإمارات، ومصر، وعلى الصعيد السعودي، يبدو أن انتظاره سيطول، فحتى المعارضة التركية بدا أنها تقر بوجود مشاكل بين البلدين، والتي لا يجب أن تنعكس على المواطنين الأتراك في المملكة، ومن وجهة نظر النائب في حزب الشعب الجمهوري المعارض شاكر أوزر، فإن قرار إغلاق المدارس التركية مرفوض، وقرار بحسب وصفه “محزن للغاية”.

وكان قد سبق أن شنت المنصات السعودية هجوما على الأتراك وخاصة “الحلاقين” الفئة الأكبر منهم والعاملة على الأراضي السعودية، وطالبوا بتسفيرهم من بلادهم، ردا على تصريحات أردوغان المعادية، كما كانت قد تجددت حملة مقاطعة المنتجات التركية، على خلفية نشر إعلام حكومي تركي خريطة تظهر النفوذ التركي “الأحمر” القادم ليشمل السعودية، وعددا من الدول العربية، وما سبقه من حملات لمقاطعة السياحة، والدراما التركية أيضا.

تجدر الإشارة، أن المدارس في السعودية التابعة للجاليات على اختلاف جنسياتها، تقوم بتعليم أبناء بلدها المقيمين هناك بلغة بلادهم الخاصة، ويبدو أن السلطات السعودية تستهدف المدارس التركية على وجه الخصوص، وتمنع اللغة التركية، فبحسب لطيف سيلفي، المسؤول في التعليم فإن قرار إغلاق المدارس التركية “سياسي بحت”، ولا يوجد أسباب تستدعي إغلاق تلك المدارس، وبالنظر إلى استمرار التعليم في مدراس الجاليات الأخرى، فإن المدارس التركية هي من تعاني فقط على خلفية الخلاف بين البلدين.

ولا يبدو وفقا للمعطيات الحالية، أن العلاقات التركية- السعودية ذاهبة باتجاه التحسن، فصحافة تركيا بدأت الحديث عن عدم صحة إعطاء أنقرة للرياض طائرات مسيرة تركية لاستخدامها في اليمن، حيث كان العميد “يحيى سريع” الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، قد أعلن إسقاط طائرة تركية مسيرة في الأجواء اليمنية، وهو ما طرح تساؤلات حول سبب تواجد تلك الطائرة التركية من نوع “كاريال”، ومن أين حصل عليها التحالف في الحرب على اليمن، هذا عدا عن علامات استفهام حول إرسال أنقرة مقاتلين مرتزقة لقتال أنصارالله في معركة مأرب آخر معاقل حكومة هادي، لكن هؤلاء وإن تواجدوا لم يحسموا المعركة لصالح حرب الحزم والأمل وفقا للأدبيات السعودية حتى الآن.

حركة أنصارالله، وثقت إسقاطها للطائرة المسيرة التركية وحطامها بالصور من نوع “كاريال” ورغم أن الصحافة التركية الحكومية وصفتها بالمزاعم، ولكن لم توجه أنصارالله اتهامهم لأنقرة بمساعدة الرياض، واكتفوا بالقول إنها تركية، لكن بكل الأحوال ثمة اتفاق بين شركة تابعة لوزارة الدفاع السعودية، وقعت مع تركيا لتصنيع أنظمة إلكترونية للطائرة العام 2017، وهذا يعني بأن المملكة قد تكون حصلت على هذه الطائرات بموجب الاتفاق السابق، ودون اتفاق حالي يعيد للعلاقات بين البلدين الدفء، وبموجب التصعيد السعودي ضد حتى المدارس التركية، وإغلاقها.

وفي إطار استفزازي أوسع، تبدو الرياض عازمة على ضرب كل محاولات أنقرة للتقارب معها، حيث اختارت الذهاب إلى خصم تركيا اليونان، وأعلنت وصول طائراتها لليونان للمشاركة في التدريب العسكري المشترك “عين الصقر”، واختيار التوقيت سعوديا، يبدو محسوبا بعناية، فالعلاقات أساسا بين اليونان، وتركيا، متوترة، والسبب أنشطة أنقرة للتنقيب عن الطاقة في البحر المتوسط، وهو قد يعني اختيار السعودية طرف اليونان.

الرئيس أردوغان ذاته علق على قرار إجراء السعودية مناورات عسكرية مع اليونان، وقال إنه سيبحث هذا القرار مع السلطات السعودية، لكن الأخيرة لا يبدو أنها بصدد أي تباحث إيجابي على الأقل وفق المعطيات التي جرى ذكرها، والمصالحة السعودية مع قطر، لا تعني بالضرورة مصالحة مع تركيا، على عكس التقارب بين كل من مصر، وقطر، وبدء الاتصالات المصرية- التركية، ولعل هذا قد يؤسس لتحالفات جديدة في المنطقة لا تتقاطع فيها المصالح السعودية مع المصرية، والتركية، ولا الإماراتية مع القطرية.

المصدر: رأي اليوم

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock