قمة بوتين – اردوغان.. تسوية أم انفجار أوسع؟
تتوجه الأنظار الى قمة الرئيسين الروسي والتركي (في الخامس من الجاري) في موسكو، وما سوف يتمخض عنها من نتائج.
العالم – سوريا
وحيث تبدو من خلال متابعة تصريحات ومواقف الرئيسين أو فريقيهما السياسي أو العسكري أنها ستكون صعبة ومعقدة، يبقى هناك معطيات ثابتة تميز مواقف الأطراف، ستشكل تقريبًا الأسس المفترضة لهذه القمة، ويمكن تحديدها بالتالي:
لناحية الموقف الروسي، وفي متابعة لخطاب موسكو الديبلوماسي ولاجراءاتها العسكرية، يضع الكرملين في رأس قائمة الثوابت متابعة محاربة الارهاب في ادلب، وهو يترجم ذلك ديبلوماسيا وعسكريا بالتالي:
ديبلوماسيا، اعتبر الروس أن مشكلة اللاجئين الى اوروبا، والتي خلقها الرئيس التركي كي يجد مخرجا يؤخر هزيمة جماعاته الارهابية في ادلب، لا يجب أن تكون عائقًا أمام محاربة الارهاب، وبالنسبة لموسكو، يبقى لتنفيذ الاخيرة (محاربة الارهاب) الافضلية على مشكلة اللاجئين، والذين هم عمليا، وبالقسم الاكبر منهم، ليسوا سوريين بل تابعون لدول محيطة بتركيا شرقا وجنوب شرق، وكما يبدو، كانت انقرة قبل المعارك الاخيرة في ادلب، قد حضَّرت مناورتها لاطلاقهم خارج حدودها غربا بطريقة مدروسة، وقد ظهر ذلك من خلال عملية خروجهم وإجلائهم المُنظَّمة.
يثابر الروس، وبشكل متواصل عند الكلام عن الارهاب، على تحديد التسمية بـ “جبهة النصرة”، وهذا مؤشر واضح أن مخططات موسكو، مهما كانت نتائج القمة، لن تخلو بتاتا من هذا البند، وهي مستعدة، وقد اثبتت ذلك، أن تذهب حتى النهاية، عبر دعم الجيش العربي السوري في عملياته العسكرية، أو حتى منفردة في عمليات جوية وصاروخية، الى تنفيذ هذا البند، والذي لطالما اعتبرته المفتاح لحل المشكلة وسلوك اية تسوية، والتعزيزات العسكرية الضخمة التي ادخلتها وتُدخلها تباعا الى شرق المتوسط، ومنها سفن الدعم المجهزة بصورايخ كاليبر، خير دليل على ذلك.
لناحية موقف الدولة السورية، أظهر الجيش العربي السوري وحلفاؤه في المعركة الأخيرة، جهوزية ميدانية وعسكرية لافتة، وقد تمثلت ليس فقط في ادارة وتنسيق عمليات هجومية صاعقة وفعالة، بل في ادارة القتال الجوي والصاروخي وقتال منظومات الدفاع الجوي، والتي أسقطت حتى الان عشرات الطائرات دون طيار التركية الاكثر تطورا، وذلك بالرغم من الفارق في القدرات مع الطيران والصواريخ التركية البعيدة المدى، وأيضًا بالرغم من تعرض بعض القاذفات والطوافات الجوية السورية للاصابة، فقد بقيت عمليات الجيش العربي السوري مسيطرة على الموقف، وقد تُرجِم ذلك باستعادة تحرير أغلب النقاط التي تم مؤخرًا اعادة الانتشار منها، وأهمها مدينة سراقب الاستراتيجية، مع اعادة تحرير طريق حلب حماه كاملًا.
من ناحية أخرى، وبمواجهة التهديدات التركية التي يطلقها الرئيس اردوغان، ضد الجيش العربي السوري اذا لم ينسحب الى خطوط ما قبل العملية الأخيرة، تبقى هذه التهديدات فقاعات لا تعيرها الدولة السورية أي اهتمام، وبمعزل عن القدرة العسكرية للجيش التركي جوا، والتي لا احد ينكرها، فقد أظهرت وحداته الخاصة والبرية، وفي أكثر من واقعة، ضعفًا في عمليات المواجهة القريبة والمباشرة، وهذا سيكون مؤثرا جدًا على أغلب عملياته لاحقًا.
ايضًا، فإن قرار الجيش العربي السوري بالقتال ومتابعة عملية التحرير ثابتة، وأساسًا هذا الجيش، لم يكن ولا في أي موقف أو لحظة خلال الحرب على سوريا ليستسلم، بالرغم من ضخامة الاخطار والامكانيات التي وضعتها دول عدة بمواجهته، وحيث هو اليوم على قاب قوسين من الانتصار الكامل واعادة سلطته وسيطرته على كامل الجغرافيا السورية، فمن الطبيعي أن معركته ضد العدو الاساسي (تركيا) سائرة رغم كل الصعوبات والخسائر المرتقبة.
لناحية الموقف التركي، يبدو أنه بموقف لا يحسد عليه، فالاوروبيون امتنعوا عن دعمه في اعتدائه على سوريا، ولاحقا ذهبوا بشراسة نحو مهاجمته بعد ان فتح حدوده الغربية والشمالية الغربية للاجئين السوريين او لغير السوريين، والاميركيون يضعون نصب أعينهم كي يدعموه ان يترك وبصراحة دون مواربة الحضن الروسي المشّبَع بالمصالح التي لا يستطيع التخلي عنها، والروس استطاعوا حتى الآن ترويضه في ادلب دون كسره تاركين له المخرج باعادة الالتزام وتطبيق ما تعهدوا به في “سوتشي”.
من هنا، ومن خلال معرفة المعطيات المذكورة ومواقف الاطراف الاساسية او المؤثرة في ملف الساعة، ومن خلال معرفة كيف خطط الرئيس بوتين وماذا انتظر ليتحقق في الميدان وعلى الساحة الدولية، قبل أن يحدد موعد القمة، والذي توسله توسلاً الرئيس اردوغان، يمكن ان نستنتج ما ستؤول اليه قمة بوتين – اردوغان، والتي لن تطول فترة انتظارها.
شارل ابي نادر- العهد
المصدر : قناة العالم .