مزاعم جاك سترو عن ايران و’اسرائيل’.. إسقاطات بريطانية بحتة
العالم-يقال ان
تحدث وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو في برنامج “وفي رواية أخرى” الذي يبث على “التلفزيون العربي”، عما زعم انها “معلومات” حول ما اسماه “العلاقات بين إيران وإسرائيل”، لا سيما خلال الحرب المفروضة على ايران بين أعوام 1980 ـ 1988، حيث زعم سترو أن إيران و”إسرائيل” نسقتا وتعاونتا مباشرة في المجالات العسكرية والاستخباراتية لتدمير العراق خلال الحرب المفروضة على ايران في الثمانينات، و ادعى ايضا ان الصادرات الإسرائيلية من السلاح لإيران بلغت حينها ما قيمته مليار دولار!!!.
هذه المزاعم السخيفة وعلى ما يبدو جاءت في إطار إيضاحات سترو حول كتاب له صدر حديثا، وحمل عنوان “الوظيفة البريطانية”، تضمن ما وصفه بـ”معلومات عن إيران والحرب العراقية الايرانية”، وما زعم انه “تفاصيل العلاقة” بين ايران والكيان الاسرائيلي، وذلك في موضع رده على سؤال طرحه مذيع “التلفزيون العربي”، عن “التعاون السري بين الطرفين (ايران واسرائيل) والذي كان عنوانه الرئيسي تحطيم العراق وألا يكون العراق دولة قوية”!!، حسب زعمه، الأمر الذي يدعو اي شخص منصف ليس الى الشك بالامر برمته فحسب بل المرور من امامه مرور الكرام، فلا الناقل ولا المنقول عنه، يحظى بأدنى اعتبار او احترام او مصداقية بأي شأن يخص ايران والجمهورية الاسلامية من قريب او بعيد.
لکن من اجل معرفة القارئ المحترم ولكي تتضح له الامور اکثر، يجب الاشارة الى ان “التلفزيون العربي” هو قناة تلفزيونية يشرف عليها عضو الكنيست الإسرائيلى عزمي بشارة، ولديها شبكة واسعة فى عدد كبير من العواصم العالمية لأهداف مشبوهة ليست فقط تخص العمل الإعلامى وإنما يتبلور مع ما يثار حول عمل القناة التى تبث من العاصمة البريطانية لندن كوكالة استخبارات اسرائيلية تحت إشراف عزمي بشارة يؤمن مصالح كيانه.
لتنوير الرأي العام العربي يجب التذكير بأن ايران قامت في 19 فبراير 1979، أي بعد أسبوع واحد فقط من سقوط نظام الشاه وإعلان انتصار الثورة الاسلامية بإغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران رسمياً، وحلت السفارة الفلسطينية محلها نصرة للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الاولى في العالم الاسلامي، فيما تم تسليم مبنى السفارة الإسرائيلية بكل محتوياتها، من تجهيزات ووثائق، إلى الفلسطينيين.
ما نقلته قناة تبث برامجها باللغة العربية ويديرها عضو عربي معروف في الكنيست الاسرائيلي، يكشف حالة التخبط الذي تعيشه الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا التي تحاول على لسان وزير خارجيتها الاسبق وعبر المعلومات والوثائق المزعومة، التي ليست سوى اسقاطات بريطانية على حسن علاقة ايران بجيرانها ودول المنطقة، أن تسيء للعلاقة بين ايران وجارتها العراق. ولكن ما لا تنساه ابدا الذاكرة العراقية عموما والشارع العراقي خصوصا، هو عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين الشقيقن في كافة المجالات ومنها في مجال مكافحة الارهاب حيث استجابت ايران فورا لطلب المساعدة التي تقدمت به الحكومة العراقية لمحاربة “داعش” عام 2014، لمنع سقوط هذا البلد وإحباط المخطط الغربي الاسرائيلي الرجعي.
هذا الموقف العدائي من قبل مسؤول بريطاني سابق تجاه ايران ليس بجديد ومزاعم وزير الخارجية البريطاني الاسبق تكشف بوضوح الحقائق التاريخية التي تشير الى ان بريطانيا كانت في الخط الأول للعداء التاريخي لايران. ويعرف القاصي والداني ان للعداء البريطاني للجمهورية الاسلامية الايرانية أسباب جيوسياسية وجيوستراتيجية بديهية مرتبطة بتوجهاتها الاستقلالية وبموقفها المبدئي من كيان الاحتلال الإسرائيلي، ولولا هذا الموقف أساسا، ما كان الغرب ليعتمد سياسات بهذا القدر من التشدد حيالها وحيال برنامجها النووي السلمي.
من خلال متابعة المقابلة الطويلة التي اجراها سترو مع “التلفزيون العربي”، يتكشف أن مزاعم سترو لا تقتصر فقط على تزويد “إسرائيل” لإيران بالأسلحة خلال الحرب المفروضة، بل يدعي سترو خلالها أن الدعم الإسرائيلي لإيران كان من أجل أن تحقق طهران الانتصار على نظام صدام المقبور في الحرب ولأن تل أبيب وجدت هذا النظام خطرا عليها بعد أن عبأ الشارع العربي ضدها!!.
من الاسئلة التي تتبادر في الذهن بمجرد الاستماع للمزاعم التي يتفوه بها سترو هي: ما هو الدور الذي يلعبه وزير الخارجية البريطاني الاسبق في العلاقات المزعومة بين ايران و”اسرائيل”، وما هي مصلحته من التركيز على مثل هذه العلاقات على حساب جيران ايران؟. وما يثير السؤال ايضا هو ما هي اصلا علاقة التعاون العسكري والاستخباري بالاجندة الدبلوماسية لوزير خارجية؟! لكن بقليل من التتبع يتكشف سريعا ان هذه المقابلة التي اختير لها عنوان علاقة ايران و”اسرائيل” ضد العراق تهدف الى التحريض ضد التعاون الوثيق والعلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين ايران والعراق، للتأثير على الرأي العام العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص.
وفي سياق آخر، يبدو ان هذه المقابلة التلفزيوينة المثيرة تصب في مصلحة الدعاية الاعلامية التي تجري حاليا حول تطبيع العلاقات بين الدول العربية و”اسرائيل” التي تستهدف جماهير العالم العربي لإثارتها ضد ايران باعتبارها الدولة الوحيدة التي تقود محور المقاومة ضد المصالح الغربية والاسرائيلية، وكذلك اثارة الشك والترديد في نفوس انصار ايران وتشويه صورتها في العالم العربي لكن ما هو الأهم في هذا المجال هو تخريب العلاقات بين ايران وجارتها العراق.
فتكرار مثل هذه المزاعم الخبيثة على وسائل الاعلام العربية تهدف الى احداث هوة بين العلاقات الايرانية العربية وزرع الفتنة والتفرقة بين ايران والعرب لصالح التطبيع العربي الاسرائيلي، فيجب على سترو وبدل اطلاق مثل هذه المزاعم، التي لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد، ان يوضح حول الدعم العسكري الذي قدمته برطيانية الى الدكتاتور المقبور صدام ابان الحرب المفروضة على ايران والتداعيات الخطيرة التي خلفها ذلك الدعم.
المصدر : قناة العالم .