جريمة مارب
كتبتُ من قبل عن البدرومات التي حفرها ومازال يحفرها العرادة؛ ويملأها بأموال النفط، وحين تم تنبيهه؛ تحدى عبد ربه أن يُغيره، أو حتى يسائله، وقد جعل من مارب مزرعة للإخوان، يتمددون في كل الوظائف، ويعبثون بالأموال، ويتغطرسون على الضعفاء…
قبل أيام، وصلَ صاحب حزم العدين، محمد الحزمي العديني من مواليد 1965، ويشتغلون جلابين للبقر، وكانت بداياته في صنعاء بعربية بطيخ(حبحب) في حواري صنعاء، ويستخدم جنبيته في فتح الفاكهة، ولا عيبَ في العمَلْ ولا سُخرية، لكنه يجبُ معرفة السيرة الذاتية للأشخاص، للتمكن من تشخيص عُقَد النَّقص أو اضطرابات العدوانية لديهم…
وبعدَها؛ وجد مهنة مُربحة في الخطابة، ووجد في صنعاء مدينة خصبة، وباشر الانضمام إلى حزب الإصلاح في احتلال مساجِد الزيدية في صنعاء، ثمَّ طلَّقَ العربية وبدأ السوبرماركات، وبدأت تجارة الدِّين تُزهِر وتزدهِر في طريقه، بعدد المساجِد التي يحتلونها، والمراكز التي يفتتحونها، وبعد الحرب رأى بريق الريال السعودي؛ يرفرف على فنادق الرياض؛ فالتحقَ بلا مُلاحِقْ، ولا عذرٍ كاذبٍ أو صادق، وهناك وجدَ ما يملأ تجاويف نهمه الغليظ، وطبعه البغيض، وشراهته في الأكل بشكل مقزز.
ولقد ظننت وبعض الظن إثم أن العديني سيقوم بحملة كبيرة لمطالبة حكومة الفنادق بإصلاح طريق العَبر بعدَ أن مات أخوه وأخته فيه بحادث، لكنَّ ظني خاب، ويبدو أن هؤلاء لا يهتمون كثيرًا بصلة الرحم، ويعتبرون الإخوة الحقيقية هي إخوة (الزلط).
لهذا طاف بعض العواصم، وجمعَ الغنائم، وعاد إلى مأرب بعقلية صاحب العربية، ووجدَها مدينة خصبة أيضًا، ولم يصدق نفسه وهو يرى العرادة، وقد (عرَدْ) له بعشرة مسلحين يهنجم بهم فوق أهل مأرب الكرماء الأصلاء، وزاده فوقهم كم مليون، فتحرك كتاجر بقر يبحث عن السمينة الدسمة…
ووقعت عيناه الجائعتان على أرضيةٍ ماتزال للورثة جميعهًا، فاحتالَ بخبرته على أحدهِم وهو مجاهد بن مبخوت، وشراها منه بثمن بخس، ووعدَه بأنه سيحضر الجنود، والأطقُم، ويضعْ بقية الورثة أمام الأمر الواقع، ولو أن العديني تذكر لوهله أنه ليس في العُدين، لأدركَ خطورة ما يفعل، وقُبح ما أمَّلْ…
جاء العديني بالعساكر والعمال وبدأ بالتسوير، وجاء مُلاك الأرض من أبناء الأمير يخبرونه بأن الأرض مشتركة، ولم يتم فيها القسمة، وبيع مبخوت باطل، والمحكمة هي الفيصل، لكن العديني قليل عقل ودين وأخلاق، ورفض كل المقترحات، ووجه العمال والعساكر بمواصلة العمل.
ثمَّ سحب ذيله واختفى من المشهد، وذهب للتحريض وجلب قوات إخوانية، فتوترت الأمور بعدَ أن فشلت كل الوساطات، والمقترحات، وقُتل مجاهد بن مبخوت، وتطورت الأمور أكثر وأكثر حتى خرجت الحملات العسكرية لتضرب بيوت الأشراف وتهدمها فوق ساكنيها، بطريقة عشوائية وإجرامية، وحضرت الشيولات لتُكمل هدم مالم يُهدم، ودافع الأشرافُ عن بيوتهم وأعراضهم، واستشهد منهم حوالي الخمسين، ولم يكتفِ الغزاة الإصلاحيين بهدم البيوت، بل امتدت أيديهم إلى جرجرة الشيوخ والعجائز، وأخذ المكالف فوق السيارات، وتم تصوير الأشراف بأنهم حوثيين، في جريمة أخرى، وخساسة أكبر، فالجميع يعلم بأن أشراف مارب غالبيتهم”مؤتمريين” وقليل منهم”إصلاحيين” وأما الأنصاريين فهم بعدد الأصابع، وقد تركوا مدينتهم منذ أول الحرب، والمشكلة من أولها إلى آخرها بسبب نهب الأرضية.
أشعلها الحزمي العديني، وبقي العيب والشنار، والخزي والعار، يلُفْ وجوه أبناء مارب، وقبائلها، وهم يتفرجون على حرب إبادة، وتهجير قسري، ونسف لبيوت الأشراف، ونهب ممتلكاتهم.
يا مشائخ مارب، ويارجالها الشرفاء، تعرفون الحروب، والعيوب، واللوازم والمعايب، وتشاهدون جحافل الإصلاح الإجرامية تهاجم القرى والمزارع، وتسلب وتنهب، وتعتدي حتى على المكالف، ولا نسمع لكم فزعة، ولا ردعة.
تأكدوا بأنه سينقشع غبار الجريمة، وسيلتف المظلوم برداء قهره، وستشتكيكم الحرائر المظلومات إلى رب السماوات، لكنكم لن تهنئوا طويلاً، وستأتيكم العقوبة، وسيتنمر هؤلاء الحُثالة القادمون عليكم، وستكونون وجبتهم القادمة إن استمر سكوتكم على الباطل الحاصل، والإثم والعدوان النازل، وستجدون من المستوطنين الجُدد ما يشيبُ له رؤوسكم، وتنفطرُ له قلوبكم، وسيقودهم العرادة الرخيص إلى عقر داركم، وإلى قلب مزارعكم، وستحل عليكم النقمة بعد الخزي والمذلة.
انصروا الأشراف بوقفة حق، وقول عدل، وغيرة قبلية، ونخوة ماربية، وإن لم تفعلوا فانتظروا العديني والريمي والوصابي والقباطي؛ يأتي ليسحبكم من مناخركم بلا قيمة ولا حشمة وليس بذلك عن الصامتين ببعيد.
#مصباح_الهمداني
06/07/2019