مال و أعمال

ماذا وراء تجميد اتفاق “دبي – عسقلان” لنقل النفط؟

يستبطن قرار الإحتلال تجميد الاتفاق مع الإمارات لنقل نفط أبو ظبي عبر الأراضي المحتلة، أبعاداً لا يزال من المبكر حصرها، لجهة ما يتيحه لتل أبيب من فرص ستتكشف عاجلاً. على أن التذرع بـ«المخاطر البيئية» لا يبدو كافياً لتبرير قرار حكومة “نفتالي بينت”، التي لا تريد «إزعاج» حليف لاسترضاء آخر، خصوصاً أن الخط الجديد كان سيشكل بديلاً نسبياً لقناة السويس.

العالم – الإمارات

وكتبت صحيفة الاخبار اليوم الاربعاء انه على رغم تفاجؤ أبو ظبي وقلقها من جراء الإعلان، إلّا أن تل أبيب تبدو واثقة أن بإمكانها «التعويض» على حليفتها الجديدة لتجاوز هذه «المحنة».

لا تبدو الأزمة المستجدّة بين الإمارات وإسرائيل، على خلفية تجميد وزارة البيئة الإسرائيلية اتفاقية نقل النفط الإماراتي من خليج إيلات في البحر الأحمر، إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسّط، بعيدة من احتمالات التعقيد، لكن المرجّح أن يستطيع الطرفان تجاوُزها في نهاية المطاف.

إذ ستكون تل أبيب معنيّة باحتواء الخلاف عبر تسوية ما، تتيح لها الاستفادة على مستويين: الإبقاء على جزء من الاقتصاد الإماراتي مربوطاً بمصالحها المباشرة؛ وعدم الإضرار بمسارات النفط التقليدية في المنطقة، والتي تحرص إسرائيل على أن لا تزعج عبر مخالفتها أيّ حليف أو شريك آخر، خصوصاً أن الخطّ الجديد كان سيشكّل، بالنسبة إلى الكيان المحتل، بديلاً لقناة السويس، وإن نسبياً، عبر ربط الاقتصاد الإسرائيلي بقطاع النفط العالمي مباشرة.

وكانت أبو ظبي وتل أبيب حافظتا على إبقاء الاتفاقية بعيدة من الإعلام، إلى أن بادرت الأخيرة إلى كشْفها، ليتبيّن أن وراءها دوافع وفيها فوائد لكلا الطرفين، وإن متفاوتة. إذ يُغلّب الجانب الإماراتي دافع تعزيز النظام وإدخال “إسرائيل” في مكوّنات تثبيته، بينما يمكن حصْر الفائدة لدى الجانب الإسرائيلي في اتجاه واحد.

أمّا قرار تل أبيب تجميد العمل بالاتفاقية، فيستبطن أيضاً الكثير من الفرص، في مقابل صفر تهديدات. ولتوضيح الصورة، يمكن إيجاز ما يلي:

من ناحية الإمارات، تستفيد الأخيرة من ربط “إسرائيل” ومصالحها المباشرة بها، مع ما يعنيه ذلك من تثبيت لنظام أبو ظبي. أيضاً، ثمّة فائدة أخرى متمثّلة في إيجاد طرق مغايرة لتلك التقليدية لنقل النفط من الإمارات، من دون التقيّد بخيارات أحادية تحدّ من قدرة أبو ظبي على التملُّص من التبعية الإقليمية التي تسعى إلى الانفلات منها.

إذاً، من ناحية “إسرائيل”، الفائدة اقتصادية – سياسية، مع تحسين المكانة الدولية والأهمية الجيوسياسية لمعبر النفط الإسرائيلي، وهو ما يشجّع دولاً ومنابع طاقة أخرى على اللجوء إليه، ليس لأهداف اقتصادية فحسب، بل لمصلحة بقاء هذه الأنظمة. لكن، إذا كانت الحال كذلك، فلماذا يتمّ تجميد المشروع؟

الاتفاقية مع الإمارات «جرت في ليل»، كون رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، امتهن حصْر الفائدة بشخصه، وعمد إلى إبعاد الجميع عن اتفاقيات «أبراهام»، فتجاوز محطّات قانونية كثيرة كان عليه الالتفات إليها، ومن بينها النواحي البيئية لعمليات النقل، والتي يُلزم القانون الإسرائيلي بعدم تخطّيها.

وهذه الحيثية هي التي عملت عليها منظّمات بيئية لديها مواقف سلبية مسبقة من عمليات نقل النفط وأضراره على البيئة، من دون أيّ علاقة للإمارات أو أيّ مركّب من مركّبات العلاقات الخارجية لإسرائيل.

ووفقاً لآليات القضاء الإسرائيلي، حيث مصلحة الاعتراض متاحة وفضفاضة جداً، تمكّنت تلك المنظّمات من تجميد العمل بالاتفاقية وجعلها مادّة نزاع قضائي، في خطوةٍ تساوقت معها وزارة البئية التي يسيطر عليها حزب «ميرتس» اليساري المؤتلف في الحكومة الحالية. وتتحدّد النتيجة وفق مسارات قد تطول أو تقصر، بما يرتبط بمصلحة “إسرائيل” الرسمية التي قد تجد أن المسارعة إلى إيجاد حلول مع الجانب الإماراتي ليس بالضرورة حاجة ملحّة في المرحلة الحالية، في انتظار عروض الآخرين.

وسواء كان وقف العمل بالاتفاقية، والذي يُعدّ، حتى الآن، تجميداً لا إلغاء إلى حين البتّ بها لاحقاً، مبنياً على عادة إسرائيلية داخلية في مناكفة واعتراض أيّ شيء، أو على حاجة إلى تظهير تلهُّف أبو ظبي على الاتفاق مع تل أبيب، أو ربّما وجود عروض أخرى ما زالت تتبلور لتكون بديلة من العرض الإماراتي، أو محاولة “إسرائيل” نفسها استدراج عروض من هذا القبيل عبر عملية التجميد، فإن المؤكد أن «مصلحة السلاحف» والحفاظ على بيئة مناسبة لتناسلها، ليس السبب الحقيقي وراء خطوة حكومة بينت.

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock