كلام في عصر التفاهة والإنحطاط
الدكتور راشد الراشد
هل أنتهت الكرامة و مات الشرف في الأمتين العربية الإسلامية ؟
وهل أضحت الأمتين العربية والإسلامية ميتتين .. وتستحقان غضب الله أن ينزل ؟
أم ما الذي يحدث حين تعانق أنظمتنا السياسية الصهاينة جهاراً نهاراً ، وكيف نستطيع أن نهضم ما يحدث من وقع إستقبال الصهاينة في عدد من بلداننا العربية والإسلامية ؟
إنه يكفي لمشهد الصهاينة وهم يجوبون شوارع وأزقة الكثير من مدننا وقرانا بلا عناء أو تردد بل بكيف عال .. ولمشهد حكام الجور وفاقدي الشرعية في معظم بلادنا العربية والإسلامية وهم يجاهرون اليوم ببيع فلسطين وترابها المقدّس بلا حياء أو خجل أو تردد أو خوف .. يكفي لهذين المشهدين لتقوم ثورة الشعب الفلسطيني تتبعها ثورات كل الشعوب العربية والإسلامية ضد بيع فلسطين بما فيها بيت المقدس الشريف ضد هذا الإنحدار بل والإنحطاط في الكرامة ..
لكن للأسف جرى تطويع ارادة الجميع ليكون مشهد تحكم المستبدين وفاقدي الشرعية بصورتها الحقيقية حكاماً في بلادنا ، بل بلغت قتامة المشهد بؤساً عندما يتم وضع حكام مغتصبين للسلطة والشرعية مكان الرب ليعبدوا من دون الله ، وليكون ظهور الصهاينة العلني والصريح في شوارع امتنا وكأنه أمراً عادياً .
فقد جرى تطويع إرادتها لكي تكون أمة بلا كرامة تعيش كقطعان من الخراف لا حول لها ولا قوة ولا أية قيمة ، فهي لا تعيش كباقي شعوب الأرض تختار من يحكمها وتحاسب من يتسنمون مواقع السلطة والمسؤولية في بلادنا بل جرى تطويع إرادتها لتكون أمة تفاخر بإنحطاطها وترفع رايات ، ويجوب في شوارعها محتلون ومعتدون .
وكم هو مؤلم وقاسي أن نرى بعض البسطاء من أبناء أمتنا المغلوبة على أمرها تلعق قصاع المستبدين المغتصبين للسلطة في بلادنا وتصبح مشاهد تقبيل الأنوف والأرداف والركوع للحاكم وكأنه آلهة منظراً عادياً ومألوفاً ، وكم هو موجع أن تجالس الصهاينة وتفاخر بالود والإبتسامات العريضة مصافحة الصهاينة كرسل سلام ومحبة وإخوة وهم يغتصبون الأرض ..
كم هو قاس مشهد الصهاينة وهم يتباهون بإلتقاط الصور مع بعض البسطاء في ربوع عدد من عواصمنا العربية والإسلامية ، وكم هو مؤلم أن تحدث هذه المشاهد ليس دون رد وموقف ملائم لمحتلين ومغتصبين بل نتقاسم معهم الابتسامات ونقيم معهم الصحوبية … ألا تعساً وتباً لهذه الأمة البائسة .
تماما كم يفعل معظم أهلنا في ربوع عالمينا العربي والإسلامي مع من اغتصبوا اعراضهم وقتلوا بل وسحلوا في الشوارع ابناءهم وانتهكوا كل ناموسهم ومقدساتهم .. يقابلون مرتزقتهم وجلاديهم في الاسواق والشوارع والطرقات وفِي المقاهي والمطاعم بإبتسامات الصداقة والسلام ، فهل نحن أمة تستحق جدارة الحياة أم إننا أمة منحطة .. ومتخلفة .. تستحق ما يقع وما يجري عليها ..
الحقيقة المرةّ أننا كأمة نعيش عصر التفاهة والسفاهة والإنحطاط حيث بتنا نرى التافهين والفاسدين يصولون ويجولون في بلادنا ، ويعبثون بكل مقدراتنا وتراثنا وثرواتنا وحتى إنسانيتنا ، ونحن بلا رأي ورؤية لأننا أصبحنا بملء إرادتنا خارج التغطية ، نعيش بلا هوية وبلا طعم أو لون أو رائحة ، ملغيون تماماً من التفاعل مع ما يهمنا ويخصنا ويعنينا…
والمؤلم بأن حالنا لن يتغير ما لم تحدث يقظة تحرك فينا قيم المجد والحرية والكرامة من جديد لننفض غبار التفاهة والحقارة التي جرى تطويع إرادتنا حولها لتصبح قيم حياة موهومة زائفة ، بدل الإستحقاقات اللازمة التي تفرضها حياتنا كبشر حباهم الله بالعزة والحرية والشرف والكرامة ، وحرّم عليهم العبودية بكل مظاهرها وجعلها خالصة له بل طالبهم بمقاومة كل من يحاول المساس بهما كعناوين مقدّسة لصيانة الإنسانية من العبث والتحريف والتزييف ولكي لا يتحول طغاة الأرض ومفسديها إلى ممثلين عن الطهارة والعفة والشرف .