مقالات

مبادرة «بن فرحان» اعتراف باستخدام الغذاء والوقود كسلاح لإخضاع اليمنيين

بعد ست سنوات من العدوان على اليمن انقلب السحر على الساحر، وتبدل المشهد السياسي مع تبدل موازين القوى في الميدان والجبهات، حيث انتقل التحالف العربي الذي تقوده السعودية من مرحلة الهجوم والعدوان إلى مرحلة الدفاع واستجداء اليمنيين وقوى إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار، وذلك بفعل صمود الجيش واللجان الشعبية في محاور الاشتباك، ومن ورائه شعب عظيم حاضر في الساحات يلبي نداء القيادة دون كلل أو تعب

السعودية التي غرقت بالوحول اليمنية، وبدأت تداعيات الحرب تترك تأثيراتها على اقتصادها وأوضاعها الداخلية، ولا سيما بعد أن أصبحت يد اليمنيين هي العليا في هذه الحرب، وباتت الصواريخ اليمنية الباليستية تدك بعنف العمق السعودي، ولن تتوقف ما دام العدوان مستمرا، أطلقت ما أسمته «مبادرة للسلام» لذر الرماد في العيون، وخداع الرأي العام العربي والعالمي، والظهور بمظهر الضحية لا الجلاد، بل تصور نفسها أمام العالم بأنها وسيط نزيه، وليست الطرف الأساس في العدوان على اليمن، وبالتزامن وصل صراخ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أروقة البيت الأبيض والكرملين وإسطنبول ودول إقليمية أخرى يستجدي منها المساعدة للنزول من الشجرة، والتوصل إلى حل لا يُريق ما تبقى من ماء وجهه، وتسجيل نقاط بالسياسة عجز عن أخذها بالعدوان والعسكر.

«المبادرة» السعودية أظهرت أيضاً فشلًا ذريعًا للأهداف والغايات التي رُسمت من قبل قادة العدوان على اليمن، ومع ذلك تجاوبت معها قيادة صنعاء كمبادرة حسن نية، وهي مستعدة للجلوس على طاولة مفاوضات بشرط أن تُوقف السعودية الحصار الظالم على اليمنيين، وهي التي اعترفت في طيات مبادرتها بأنها تستخدم الغذاء والوقود كسلاح للضغط على اليمنيين بهدف إخضاعهم واستسلامهم لكن دون جدوى. وقد أشار إلى هذا المعنى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مؤتمره الصحفي حين قال: إن المبادرة تقضي بوقف شامل لإطلاق النار، والسماح باستيراد الوقود والغذاء من ميناء الحديدة.

المسعى السعودي الجديد يُظهر في البيّن عجز التحالف عن تحقيق أي تقدم في الميدان، حتى باتت مدينة مأرب الاستراتيجية- على سبيل المثال- مركزاً للدفاع بعد أن كانت قاعدة هجوم وانطلاق للتحالف السعودي الإماراتي، بالإضافة إلى ذلك، تسعى الرياض من خلال مبادرتها إلى الهروب من الضغوط والانتقادات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان التي تتعرض لها؛ لارتكابها فظائع وجرائم تندى لها البشرية بحق الشعب اليمني، وبذلك تترك عبء المعارك لميليشيات حكومة الرئيس الفاقد للشرعية والمنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، ولا سيما أنه قبيل «المبادرة» بساعات أعلن مصدر عسكري انسحاب القوات السودانية المشاركة ضمن دول التحالف العربي من مدينة عدن بجنوب اليمن، مضيفًا أن «هناك أنباء تتحدث عن تقليص القوات السعودية المتواجدة في عدن».

ولا يخفى على أحد أن السعودية تتعرض لضغوط من حليفتها الولايات المتحدة التي أقرت عقوبات على الرياض تمنع تصدير أسلحة إليها، بعد صدور تقرير الاستخبارات الأميركية الذي اتهم فيه محمد بن سلمان مباشرة بالمسؤولية عن قتل الصحفي السعودي «جمال خاشقجي» في إسطنبول عام 2017م. ولعل أحد أسباب هذه « المبادرة» هو تخفيف الانتقادات من إدارة بايدن للرياض، ولا سيما بعد وصول الرئيس الأميركي الجديد «جو بايدن» إلى البيت الأبيض.

المسعى السعودي لابتزاز اليمن تحت عنوان «مبادرة السلام»، وإجباره على تقديم تنازلات لم ينطلِ على أحد من قادة اليمن وحكومة صنعاء الإنقاذية، من هنا أبدى رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام استغرابه من الأسلوب السعودي، وأشار إلى أن هكذا مبادرات لا توصل إلى أي حل، حيث لا جدّية لدى السعودية وحلفائها، وأن من يقدم المبادرة هو طرف أساسي في العدوان؛ إذ لا يحتاج إلى إذنٍ لرفع الحصار ووقف شامل للحرب.

وفي يوم الصمود اليمني جاء الرد على ما سمي «المبادرة» السعودية، مئات الآلاف في ساحات صنعاء والمحافظات تؤكد الاستعداد للصمود والمواجهة في السنة السابعة من العدوان، وتزامنت مع استهداف قوي ومركّز للجيش اليمني واللجان الشعبية اليمنية بصواريخ ومسيرات لمنشآت حيوية سعودية ومنها أرامكو، سبقها كلمة قوية لقائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، فكانت هذه الثلاثية بمثابة استعراض ضخم للقوة لدى اليمنيين، ورسالة للسعوديين وشركائهم الإقليميين والدوليين بأن يد اليمنيين هي العليا في الميدان، وفي المفاوضات القادمة.
المصدر: متابعات.



ملتقى الوعي والتلاحم الشبابي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock