تقارير خاصة

السعودية.. عملية ‘بقيق’ اليمنية التي لم يكشف سرّها

بدأت تظهر الآثار المدمرة للعملية الكبيرة التي نفذها اليمنيون باستخدام الطائرات المسيرة فوق المنشآت النفطية لشركة آرامكو السعودية العملاقة شرق المملكة. وأقر وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان بتعطل إنتاج الخام في شركة آرامكو بنسبة خمسين بالمئة بعد تعرّض منشأتي بقيق وخريص النفطيتين لهجمات الطيران اليمني المسيّر.

قصف سلاح الجو اليمني المسير لدى الجيش اليمني واللجان الشعبية، صباح السبت، بعشر طائرات مسيرة مصفاتي نفط بقيق وخريص في أقصى شرق السعودية، في عملية أطلق عليها “توازن الردع الثانية”.

وأوضح المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في بيان متلفز: “أن سلاح الجو المسير نفذ عملية هجومية واسعة بعشر طائرات مسيرة استهدفت مصفاتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو شرقي السعودية”.

وأكد العميد سريع أن الإصابة كانت دقيقة ومباشرة، مشيرا إلى أنه أطلق على هذه العملية بعملية “توازن الردع الثانية”.

وشدد على أن استهداف حقلي بقيق وخريص يأتي في إطارِ حقنِا المشروع والطبيعي في الردِ على جرائمِ العدوانِ وحصارهِ المستمرِ على بلدِنا منذ خمسِ سنوات.

وبيّن متحدث القوات المسلحة أن هذه العملية هي إحدى أكبر العمليات التي تنفذُها قواتُنا في العمق السعودي.

و أوضح أن عملية “توازن الردع الثانية” جاءت “بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد مسبق وتعاون من الشرفاء والأحرار داخل السعودية”.

وتوعد ناطق القوات المسلحة “النظام السعودي بأن عملياتنا القادمة ستتسع أكثر فأكثر وستكون أشد إيلاما طالما استمر عدوانه وحصاره، مؤكدا أن بنك الأهداف يتسع يوما بعد يوم وأنه لا حل أمام النظام السعودي إلا وقفُ العدوان والحصارِ على بلدنا”.

يذكر أن “عملية توازن الردع الأولى” نفذها سلاح الجو المسير لدى الجيش واللجان الشعبية في السابع عشر من أغسطس الفائت بعشر طائرات مسيرة واستهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو بالقرب من الحدود الإماراتية.

ومن الواضح أن حجم عملية السبت كان كبيرا جدا حيث انتشرت صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للحرائق الهائلة والدخان الكثيف بمصافي أرامكو في البقيق وخريص، وهو ما دفع السلطات السعودية للاعتراف .

بداية عمدت السلطات السعودية كعادتها إلى تقليل الخسائر جراء العملية، حيث زعمت وزارة الداخلية السعودية السيطرة على حريقين في معملين تابعين لشركة آرامكو بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات بدون طيار “درون”.

ولكن لابد من تسجيل اليوم الذي وقعت فيه هذه العملية النوعية والرادعة بانه سيكون يوما فاصلا في تاريخ العدوان السعودي على اليمن، وسيذكر التاريخ مستقبلا مالهذه العملية من آثار سياسية واقتصادية وعسكرية على كافة الصعد المحلية والاقليمية وحتى الدولية.

ابعاد العملية لاتنحصر بالبعد المحلي ولاحتى آثارها ستنحصر على المجالين السعودي واليمني وستظهر آثار هذه العملية على مدى الايام والاسابيع القادمة بل وحتى الاشهر القادمة على السياسة الدولية واول المتاثرين بها سيكون الاقتصاد العالمي.

ويكفي لمعرفة آثار هذه العملية على الصعيد العالمي ان نعرف حجم تأثير معامل ومنشآت بقيق النفطية على الاقتصاد السعودي وسوق النفط العالمي فالمعامل التي تعرضت للقصف من خلال الطائرات المسيرة اليمنية لن يتم تشغيلها بحسب التصريحات السعودية لأسابيع قادمة بسبب الاضرار الهائلة والكبيرة التي تعرضت اليها والحريق الذي دمر ماتبقى من هياكل المعمل.

وقد كشفت شركة “أرامكو” المزيد من المعلومات عن اهمية تلك المنشآت وذكرت في تقرير نشرته بصحيفة الرياض المحلية في يونيو الماضي: إن “منشأة بقيق تعد أكبر منشأة لمعالجة النفط في الشركة، عالجت حوالي 50% من إنتاج الشركة من النفط الخام للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2018”.

وأضافت: “تعد بقيق المركز الرئيس لمعالجة النفط الخام العربي الخفيف والخفيف جداً، بطاقة إنتاجية تزيد عن 7 ملايين برميل في اليوم، وتنفذ فيها ثلاثة أعمال معالجة رئيسية تشمل معالجة النفط الخام، ومعالجة سوائل الغاز الطبيعي، ومعمل المنافع المساندة”، مبينة أن تلك المعامل “تفرض موثوقيتها وكفاءة عملياتها كأحد الرواد العالميين في مجال معالجة المواد الهيدروكربونية”.

ولـ”بقيق” دور محوري في أعمال “أرامكو” اليومية، بوصفها أكبر مرفق لمعالجة الزيت وتركيز النفط الخام في العالم أيضاً؛ حيث تتلقى مرافق النفط في بقيق النفط الخام المركب من معامل فرز الغاز من النفط لتعالجه وتحوله إلى نفط خام، ثم تنقله إلى رأس تنورة والجبيل على الساحل الشرقي، وإلى مدينة ينبع على الساحل الغربي، وترسل الغاز المنبعث كمنتجات ثانوية من الخزانات شبه الكروية وأعمدة التركيز كجزء من عملية التحويل، إلى مرافق سوائل الغاز الطبيعي في بقيق لإخضاعها لعمليات معالجة إضافية، وفق الصحيفة.

وكشفت “أرامكو” عن أن الاحتياطات زادت في حقل بقيق بأكثر من 13.5 مرة من عام 1944 عندما بدأ الإنتاج في الحقل إلى 2018، فيما بلغت نسبة استبدال النفط الخام العضوي ومكثفات الاحتياطيات بناءً على احتياطيات المملكة 104% على أساس متوسط ​​مدته ثلاث سنوات من 2016 إلى 2018.

وتمثل معامل “بقيق” أهمية دولية بخلاف إمداداتها الآمنة لسوق الطاقة العالمية، فهي- من ضمن ما تتميز به- تربط المملكة بالبحرين عبر خط أنابيب النفط الخام الذي جُدد مؤخراً بسعة قصوى تصل إلى 350 ألف برميل يومياً، وبطول يبلغ 110 كم تشمل ثلاثة أجزاء، جزء بري سعودي بطول 42 كم، وآخر بحريني بطول 28 كم، بالإضافة إلى جزء بحري تحت الماء بطول 42 كم، ويربط بين معامل “بقيق” السعودية ومصفاة “باكو” البحرينية.

وتمثل معامل “بقيق” الشريان في خط أنابيب الشرق والغرب التابع لـ “أرامكو”، والذي يؤدي دوراً حاسماً في ربط منشآت إنتاج النفط في المنطقة الشرقية وينبع على الساحل الغربي، وتوفير المرونة للتصدير من الساحل الشرقي والغربي للمملكة.

وفي سياق متصل، تضم منطقة هجرة خريص “حقل خريص” الذي يعتبر أكبر مشروع بترول بالعالم حيث يقدر إنتاجه بـ1.2 مليون برميل يومياً من الزيت العربي الخفيف.

هذا واعترف وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بان الهجمات على منشأتي شركة “أرامكو” النفطيتين أدت إلى توقف 50% من إنتاج الشركة.

وأشار الوزير الى ان العملية ادت الى توقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقت، وحسب التقديرات الأولية أدت هذه الانفجارات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو (5.7) مليون برميل، أو حوالي 50% من إنتاج الشركة، إلا أنه سيتم تعويض جزء من الانخفاض لعملائها من خلال المخزونات.

وأوضح الوزير أن هذه الانفجارات أدت أيضا إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو ملياري قدم مكعبة في اليوم، تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي، مما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى حوالي (50%).

المغرد السعودي الشهير “مجتهد” هو الآخر وصف الدمار الذي لحق بالسعودية نتيجة قصف مصفى البقيق بانه كبير، وقال مجتهد ان الدمار الذي لحق بالمنشآت النفطية كبير ونوعي من ناحيتين: ١) تأثيره الكبير على التصدير ٢) صعوبة وطول مدة إصلاحه.

وعلى المستوى القريب فقد كشفت وكالة فرانس برس ان سوق الأسهم في الرياض خسرت 3% من قيمتها غداة هجمات على مواقع نفطية سعودية.

بينما نقلت وكالة رويترز للانباء عن أرامكو بان العودة إلى طاقة إمدادات النفط الكاملة قد تستغرق أسابيع وليس أياما.

وبالتزامن مع ذلك أعلنت شركات سعودية، الأحد، نقصا في إمدادات بعض مواد اللقيم (بنسب متفاوتة) لبعض شركاتها التابعة في المملكة.

ووفق إفادات صدرت في البورصة السعودية، الأحد، فقد أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، عن نقصا في إمدادات بعض مواد اللقيم بنسب وصلت إلى 49%.

كما أشارت شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات “ينساب”، إلى نقص في إمدادات بعض مواد اللقيم، بنسب متفاوتة، تقدر بحوالي 30% ابتداءً من السبت.

ويرى محللون ان عملية الهجوم بالطائرات المسيرة على منشأتي بقيق وخريص النفطيتين ضخمة الى الحد الذي لن تظهر جميع آثارها خلال ايام او اسابيع وهي عملية نوعية ستكون لها نتائج مفصلية في المستقبل.

موقع العالم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock