الأخبار العربية

عميد المحامين التونسيين السابق أمام القضاء العسكري

أكدت هيئة الدفاع عن العميد السابق للمحامين التونسيين عبد الرزاق الكيلاني أن محاكمته وإحالته إلى القضاء العسكري، يوم الأربعاء المقبل، تقف وراءها أسباب سياسية، مؤكدة أن الإجراء “غير قانوني وغير دستوري”.

العالم – أفريقيا

وبحسب” العربي الجديد”، تأتي هذه المحاكمة، التي سيخضع لها الكيلاني بصفته عضواً في لجنة الدفاع عن نائب رئيس”حركة النهضة” نور الدين البحيري، وإحالته إلى القضاء العسكري من أجل تهم تندرج ضمن واجبه محامياً.

وقال رئيس فرع المحامين بتونس محمد الهادفي، في مؤتمر صحافي اليوم الاثنين، إن “هذه المحاكمة مخالفة للقانون ولكل الجوانب القانونية والدستورية”، مبيناً أنه “في ما يتعلق بالجانب القانوني، فهذه المحاكمة سببها أنه يوم 2 يناير/كانون الثاني الماضي، اتصلت بهم المحامية سعيدة العكرمي بعد اختطاف زوجها، وتم الاتصال بوزارة الداخلية والقضاء العسكري لمعرفة مصيره”، مؤكدا أن “هيئة الدفاع برئاسة العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني توجهت إلى منطقة بنزرت للاطمئنان على البحيري هناك، وهذا العمل لا يمنعه القانون”.

ولفت إلى أن “القضية التي فُتحت ضد الكيلاني تُعتبر محاكمة سياسية”، موضحاً أن “القانون في تونس، وفي أغلب البلدان، وجميع التشريعات الوطنية والدولية تمنع إعاقة دور المحامي، ومرسوم المحاماة لسنة 1979 حمل هذه الضمانات للمحامين، ولا يمكن تتبع محامٍ يقوم بالدفاع عن موكله لأن هذا يمسّ بحقوق الدفاع والقضاء، وبدولة القانون والديمقراطية”، مؤكداً أنه “كلما تم استعمال المحكمة العسكرية، وهي محكمة متخصصة، فالقصد من ذلك التقييد، وهذه الإحالة غير مقبولة”.

وأكد الهادفي، أن “موضوع التتبع والأفعال المنسوبة للكيلاني لا تمثل جرائم، ولا تتوافق ونصوص الإحالة”، مشيراً إلى أن “طلب هيئة الدفاع مشروع ولا يخالف قانون المحاماة”. وتابع أن “زرع الخوف في المحامين سيعيق دورهم، ويجعل هناك محاذير وسيفاً مسلطاً عليهم، وبهذه الطريقة تصبح المحاماة والدفاع غير مستقلين، ويضرب حق المواطن في محاكمة عادلة”.

“تصفية حسابات”

بدوره، أكد المحامي عبد الرؤوف العيادي أن “الكيلاني من المدافعين عن الحقوق والحريات، ومن أبرز الوجوه التي ناضلت من أجل الثورة، والقضية قُدّمت وكأنها خرق للقانون الجزائي، في حين أن دوره كان الوقوف على حق الدفاع”، مشيراً إلى أن “القضية سياسية، ونحن اليوم نعيش سياقاً خاصاً بعد انقلاب 25 يوليو/تموز في غياب التشريع ومحاولات ضرب القضاء”.

وبيّن العيادي أن “المحامي هو أيضاً اليوم في مواجهة مع السلطة، وتم الاعتداء على الكيلاني في إحياء ذكرى الثورة، يوم 14 يناير/كانون الأول الماضي، وتم حينها تقديم شكوى ضد وزير الداخلية توفيق شرف الدين، ورئيس الجمهورية قيس سعيّد، وتحولت المسألة إلى تصفية حسابات من خلال تلفيق ملف أمام المحكمة العسكرية، لجرّ عميد سابق للمحامين للتنكيل وإنهاك الخصوم السياسيين”.

واعتبر أن “ما يحصل اليوم خطير، ولا بد من الانتفاض عليه، وعلى كل محاولات كتم الأصوات الحرة”، مشيراً إلى أنه “على جميع المنظمات الحقوقية والمهنية القيام بدورها، وفضح ألاعيب السلطة السياسية”، لافتاً إلى أن “هناك مليشيات في شكل تنسيقيات تابعة للرئيس، تحرّض وتعتدي على التونسيين في إطار التضييقات المتصاعدة”.

أمّا المحامي رضا بلحاج، وهو عضو الهيئة التنفيذية لـ”مواطنون ضد الانقلاب”، فأكد، أن “الوقوف مع العميد السابق الكيلاني ليس مجرد وقوف مع شخص، بل هو وقوف مع العدالة والقانون، فالكيلاني شخصية لها مساهمتها في الانتقال الديمقراطي، وبالتالي الوقوف هو مع مكاسب تحققت بعد الثورة لا يجب أن نفرط فيها”، مضيفاً أن “هذا التتبع خطير لأنه يتعلق بمحامٍ أثناء القيام بواجبه، والخطورة الثانية تكمن في إحالته إلى محكمة عسكرية بموجب قرار غير قانوني”.

وأفاد بأنه “على كلّ القوى الحية والحقوقية في تونس أن تتصدى لهذه المحاولات التي تستهدف المحامين والدفاع عن الحقوق والحريات”.

لماذا تُعتبر معركة القضاء في تونس مصيرية؟

من جانبه، بيّن المحامي حاتم قطران أن نص الإحالة “مخالف للقانون والأدوات الدولية، ولا بد من مراجعته”، مؤكداً أن “تونس تحاكم عميداً سابقاً للمحامين، وسفيراً سابقاً لتونس، وفي ذلك إساءة للدولة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الوحدة”، موضحاً أنه في الوقت الذي تعطل فيه الدستور، فإن الإحالة تمّت وفق المحكمة العسكرية التي تُعتبر محكمة متخصصة في الجرائم العسكرية، ولا يمكن أن تنظر في بقية القضايا، وخصوصاً جرائم الحق العام، مضيفاً: “حتى قبل ثورة 14 يناير، لم تخُض المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، وما حصل مثير للريبة، وستكون له عدة انعكاسات على تونس”.

وتحدث عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني عن أن “ما حصل مصيبة حلّت بالمحامين، وهي محاولة لمنع دور محامٍ حاول التقصي حول موكله، والذي هو أيضاً زميله”، مؤكداً أن الإدارة الفرعية للأبحاث وجهت مراسلة لفتح تحقيق ضده، وتم التركيز على صفته رئيساً لجنة الدفاع عن البحيري، مشيراً إلى أن مرسوم المحاماة يمنحه الحصانة لممارسة مهنته من دون تخويف وضغوطات، مضيفاً أن “هذا الملف محاولة لتخويف الناس”.

وبيّن أن انطلاق الأبحاث كان بعد حملة شُنّت ضده من تنسيقيات مساندة للرئيس قيس سعيّد، معتبراً أن متابعته “جاءت رغبة من تنسيقيات الرئيس ومن سعيّد نفسه”.

وأفاد الكيلاني بأن “الأمن الجمهوري يجب أن يقف على نفس المسافة من الجميع، ويطبّق القانون”، مذكراً بأنه شغل منصب رئيس الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة، وكان مسؤولاً عن ملف مسار العدالة الانتقالية، ومن المتناقضات أنه راسل وزارة الداخلية حينها، وكان ردّ الوزارة حول النقائص الموجودة والعمل على تعزيز الأمن الجمهوري بأنه تمت المصادقة على مدونة للسلوك الأمني في 2014، والتي تحدد واجبات الأمن.

وفي السياق، عبّرت “حركة النهضة”، في بيان أمس الأحد، عن تضامنها مع العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني، خصوصاً أمام ما يتعرض له من استهداف يهدّد حرية التعبير، ويمثل خطراً على قيم الديمقراطية ومهنة المحاماة، مشيرة إلى “إحالته إلى القضاء العسكري من أجل تهم لها علاقة بمباشرته لمهنة المحاماة، ورفضه لاختطاف نائب الشعب نور الدين البحيري واحتجازه قسرياً دون أي سند قانوني أو قضائي”.

وجدّدت “النهضة” موقفها الرافض تطويع القضاء وإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، والزج بالقضاء العسكري في قضايا سياسية، مؤكدة أن هذا الإجراء خرق للضمانات الممنوحة للمحامي وفقاً للدستور، والمواثيق الدولية، ولمرسوم المحاماة، والتي تؤكد جميعها على “تمتيع المحامي بالضمانات التي تكفل حمايته، وتمكنّه من أداء مهامه”.

وندّدت “النهضة” بهذه السياسات الرامية إلى ترهيب المعارضين الانقلاب وتكميم أفواههم، وأهابت بـ”الأحرار، كلّ من موقعه، التصدي لهذا الاستبداد الزاحف على مكاسب تونس في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

سعيّد: إجراءات 25 يوليو تمّت وفق الدستور

يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد جدد التأكيد أن “الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها يوم 25 يوليو/تموز الماضي تمّت وفق الدستور، بهدف الحفاظ على الحريات والحقوق للجيلين الأول والثاني”.

وقال سعيّد، اليوم الاثنين، في كلمته في الجزء رفيع المستوى للدورة الـ49 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إن حرصه على “تحقيق الحقوق كان نابعاً من القناعة الثابتة والراسخة بأن الحقوق تكون موجودة على أرض الواقع، وليست مجرد نصوص”.

واعتبر سعيّد أن “ما يُشاع من البعض بأن هذه التدابير ضرب للحقوق هو خطأ وتضليل ومحاولات تشويه”، مؤكداً أن “حرية الصحافة مضمونة، وحرية النقل مضمونة كذلك، وذلك بنص الدستور، واعتماداً على الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس”. وقال: “نسعى في تونس إلى تحقيق دولة القانون، بل مجتمع القانون”.

المصدر : قناة العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock